الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما فهمناه من السؤال هو أن الأخت لها ولد يتكرر هروبه من البيت، وفي إحدى المرات غرق في البحر وتوفاه الله، وتسأل عن حدود مسؤوليتها عن موته، فنقول: إنما يؤاخذ الإنسان على ما فعله أو تسبب في فعله.
فأنت لم تقومي بإغراقه، ولم تكوني سبباً فيه، ولست مقصرة ما دام أنك لم تفرطي في حضانته بأن منعته من الخروج إلى ما يعرضه للهلاك فخرج كرها عنك، وأما عدم بحثك عنه، فنعتقد أنه ليس سبباً في ما حدث من غرق.
والحاصل أن ما أصاب ولدك هو مصيبة أصبت بها تكفر من ذنوبك وخطاياك، ولم نر حسب كلامك أن لك يداً في غرقه وموته، والقاعدة في الإسلام أن العبد إنما يحاسب ويؤاخذ على فعله هو لا على فعل غيره، ويدل على ذلك آيات كثيرة منها:
يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ {النبأ: 40}.
وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الإسراء: 15}.
وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى {النجم: 39}.
مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ {الأنعام: 52}.
وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ {البقرة: 134}.
فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ {الزلزلة: 7-8}.
والله أعلم.