الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب عليك التوبة فورا من الاستمناء والنظر إلى ما حرم الله من الصور الخليعة ونحوها قبل أن يدهمك الموت فتندم ولا ينفع الندم، والأعمال بالخواتيم.
واعلم أن الشأن في المؤمن الانتهاء عما حرم الله دون النظر هل هو من لكبائر أم لا؟ إذ إن ذلك من تعظيم حرمات الله، قال بعض السلف: لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت. ثم إن الإصرار على الصغائر يحولها إلى كبائر، قال بعض السلف: لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار، بل إن المصر على المعصية يخشى عليه من الكفر واستحلال ما حرم الله. قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور: 63}.
وانظر بتوسع في الموضوع كتاب: "الداء والدواء" لابن القيم، فإنه نافع لك جدا.
هذا، وليس هناك ذكر مخصوص أو دعاء معين إذا قلته أقلعت عما تمارسه من محرمات، ولكن ذكر الله عموما مع حضور القلب من أنفع الأدوية، فحافظ على الأذكار الموظفة في جميع الأحوال خاصة أذكار الصباح والمساء والنوم وبعد الصلوات.
وادع الله بذل وإلحاح أن يصرف عنك هذا البلاء، واسأله سبحانه أن يخلصك منه، وأن يشرح صدرك، ويلهمك رشدك، ويكفيك شر نفسك، والتمس في دعائك أوقات الإجابة، واستوف آداب الدعاء، وانظر في ذلك الفتاوى التالية: 11571، 2395، 23599، 17449، 32655.
واقرأ القرآن بتدبر، وحافظ على وردك منه، واستشف به فإنه شفاء لجميع أمراض القلوب وعللها. قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82}. هذا، ونوصيك بأن تفتش عن الشباب الصالح المؤمن فتنخرط فيهم، وتعبدالله معهم، وتتعاون معهم على طلب العلم النافع، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، وليكن طلبك للعلم بصورة منهجية منتظمة.
هذا، وعلم يا أخي الكريم أن من مهيجات الشهوة الفراغ والاختلاء بالنفس مع التفكير، وكذلك النظر المحرم إلى الشاشات، وإطلاق البصر إلى النساء الاجنبيات وغير ذلك. فاقطع ذلك كله لله، فإذا هاجت شهوتك في لحظة وحدثتك نفسك بارتكاب تلك العادة الخبيثة فاخرج فورا من البيت وتوجه إلى المسجد، أو زر أحد الشباب الصالحين، أو اقرأ القرآن بصوت مرتفع أو اغتسل بماء بارد أو توضأ، أو حتى اتصل بالهاتف بأحد الصالحين، فإن فعلت ذلك مع ذكرك لله فسيزول أثر الشهوة بإذن الله. هذا، ونوصيك بالإكثار من الصيام، فإن له أثرا في كسر حدة الشهوة وفي تهذيب النفوس، واجتهد في طلب الزواج فعسى الله الكريم أن يعفك به.
وأما الزهد في الدنيا فيكون بأن تخرجها من قلبك فتجعلها في يديك، وإن مما يعينك على ذلك ثلاثة أمور:
1- الاطلاع على حقيقة الدنيا وحقارتها، وأنها لم تصف لأحد ولا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأمل وصف الله لها في القرآن.
2- زيارة القبور والتفكر في أحوال أهلها، لا سيما من ملك منهم الدنيا ثم ماذا ؟ ثم تركها إلى هذا المكان الضيق بلا أنيس ولا جليس .
3- قراءة سير الصالحين من العلماء الزهاد والعباد، ومن ذلك صفة الصفوة لابن الجوزي وسير الأعلام والنبلاء للإمام الذهبي.
وأما الكتب التي تحث على الزهد في الدنيا فكثيرة، ومنها الزهد للإمام أحمد بن حنبل والزهد والرقائق للإمام عبد الله بن المبارك وانظر كتاب الرقاق من صحيح البخاري وكتاب الزهد والرقائق من صحيح مسلم، وانظر كذلك كتاب "مختصر منهاج القاصدين" خاصة ربع المهلكات وربع المنجيات، ومن كتب المعاصرين النافعة في هذا الباب كذلك كتاب "البحر الرائق في الزهد والرقائق" للشيخ أحمد فريد.
والله أعلم.