الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن فساد ذات البين من أسباب ضعف الإيمان بل ذهابه بالكلية، قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ {الأنفال: 1}. وقال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟! قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة. رواه الترمذي. وقال: حديث صحيح، وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: دب إليكم داء الأمم، الحسد والبغضاء هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين. والذي نفسي بيده لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولاتؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أنبئكم بما يثبتُ ذاكم لكم، أفشوا السلام بينكم. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
هذا.. ولقد أحسنت عندما قدمت الاعتذار لهذا الشخص الذي اختلفت معه، وكون العلاقة لم تعد كما كانت ـ فهذا بسبب الشيطان الذي يزكي القطيعة بين المسلمين، ولقد أرشدنا نبينا إلى تدابير تزيد المحبة بين المؤمنين، ومنها: الهدية، فقد قال صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه البيهقي وحسنه الألباني. ومن ذلك أيضاً الابتسام وتكلف البشر عند لقائه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: تبسمك في وجه أخيك لك صدقة. رواه الترمذي وحسنه وصححه الألباني. ومن ذلك أيضاً أن تنتبه عند الحديث معه، فتنتقي أطايب الكلام وأرقه كما تنتقي أطايب الثمر، فقد قال تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً {البقرة: 83} ، وقال أيضا: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ{الإسراء: 53}. وفي المقابل تجتنب في كلامك ما يؤدي إلى إغضابه، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يواجه أحداً في وجهه بشيء يكرهه. ومن التدابير أيضاً أنه إذا كلمته أن تقبل عليه بوجهك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تحقرن شيئاً من المعروف، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك ـ إن ذلك من المعروف. رواه أبو داود والترمذي وصححه الندوي والألباني. ومن التدابير أيضاً: حسن الاستماع إليه إذا تكلم وعدم مقاطعته وإظهار الاحترام لرأيه والتقدير لشخصه، ففي قصة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعتبة بن ربيعة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استمع لعتبة حتى أنهى كلامه، ثم قال له: أفرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم، قال: فاستمع مني، قال: أفعل، فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من بداية سورة فصلت حتى انتهى إلى السجدة. ومن التدابير التي تزيد المحبة بينك وبينه: مناداته بأحب الأسماء إليه، وأن توسع له إذا جلس إلى جوارك في المجلس، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ثلاث يصفين لك من ود أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتناديه بأحب أسمائه إليه. وانظر طائفة من الآيات والأحاديث الحاثة على نبذ الخلاف بين المؤمنين في الفتاوى التالية: 55821 ، 20902 ، 24125.