الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا يجب على الإنسان أن يقرأ في الصلاة بعد الفاتحة سورًا معينة بطول أو قصر، سواء في صلاة الفريضة أم في صلاة التطوع. ويجوز للإنسان في قيام الليل القراءة من قصار السور، ومن طوالها، لكن المعروف من هديه صلى الله عليه وسلم، ومن هدي صحابته الكرام القراءة بالطوال في قيام الليل؛ ولذلك يسن للإنسان أن يقرأ من السور الطوال، إن تيسر ذلك، وإلا فما تيسر له.
وبإمكانه أن يقرأ عدة سور من القصار، إن لم يحفظ من السور الطوال؛ حتى يحصل له الأجر الكثير، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف أية كتب من المقنطرين. رواه أبو داود، وغيره، وصححه الألباني في صحيح الجامع. والمراد بالمقنطرين هنا أي: أصحاب الأجر الكثير.
وأما بالنسبة لفتح المصحف، والقراءة منه أثناء الصلاة، فلا بأس به، سواء أكان من الإمام أم كان من المنفرد؛ لعموم الأدلة الدالة على مشروعية القراءة في الصلاة، وهي تعم القراءة من المصحف، والقراءة عن ظهر قلب، ومن أصرح ذلك ما رواه البخاري تعليقًا من أن ذكوان مولى عائشة -رضي الله عنها- أنه كان يصلي بها في الليل من المصحف.
لكن إذا أمكن القراءة من المحفوظ، استغني بها، وهو الأفضل؛ لأنه أجمع للقلب، وأجلب للخشوع.
والله أعلم.