الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمنه صلى الله عليه وسلم تفضل ما سواها بألف صلاة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام. والحديث متفق عليه.
وهذا باتفاق أهل العلم، أما ما زيد في مسجده صلى الله عليه وسلم بعده من التوسعات ففيه خلاف بين أهل العلم، فقد ذكر النووي أنه لا يدخل في هذا الفضل، وقال ابن تيمية والمحب الطبري إن هذا الفضل يشمل كلما زيد في المسجد، قال في شرح سنن ابن ماجه: (قوله) في مسجدي هذا: بالإشارة يدل على أن تضعيف الصلاة في مسجد المدينة يختص بمسجده صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمانه مسجداً دون ما حدث فيه بعده من الزيادة في زمن الخلفاء الراشدين تغليباً لاسم الإشارة وبه صرح النووي فخص التضعيف بذلك بخلاف المسجد الحرام فإنه لا يختص بما كان لأن الكل يعمه اسم المسجد الحرام ذكره العيني، قال القارئ واعترض عليه ابن تيمية وأطال فيه والمحب الطبري وأورد آثاراً استدلالا بها... وبأن الإشارة في الحديث إنما هي لإخراج غيره من المساجد المنسوبة إليه صلى الله عليه وسلم وبأن الإمام مالكا سئل عن ذلك فأجاب بعدم الخصوصية. انتهى مختصراً قال الشيخ والمختار عند الجمهور أن الحكم بالمضاعفة يشمل لما زيد عليه فقد ورد لو مد هذا المسجد إلى صنعاء اليمن كان مسجدي ونقل المحب الطبري رجوع النووي عن تلك المقالة. انتهى.
وإذا كان الخلاف جاريا فيما زيد في المسجد نفسه فإن حرم المدينة لا يدخل في هذا الفضل المذكور في الحديث، نعم قد يقال إن الأعمال تضاعف حسب الزمان والمكان، وخلاصة القول أن الفضل المذكور في تفضيل الصلاة خاص بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وما زيد فيه مما له حكم المسجد عند شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 1056.
والله أعلم.