الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاستخارة مستحبة إذا طرأ للشخص أمر من أمور الدنيا مما يباح فعله قال البجيرمي في تحفة الحبيب ( ومحل استحبابها في غير وقت الكراهة، لأن سببها متأخر. وفي الترمذي خبر: من سعادة ابن آدم كثرة استخارة الله تعالى ورضاه بما رضي الله له، ومن شقاوته ترك استخارة الله تعالى وسخطه بما قضى الله. والاستخارة تكون في غير الواجب والمستحب فلا يستخار في فعلهما، والحرام والمكروه فلا يستخار في تركهما، فانحصرت في المباح أو المستحب إذا تعارض فيه أمران أيهما يبدأ به أو يقصر عليه؟ وألحق به الواجب المخير وفيما كان موسعا كالحج في هذا العام وتكون في العظيم والحقير. وتحرم في المكروه والمحرم، لأن الأصل في العبادة إذا لم تطلب بطلانها كما قاله الشوبري. اهـ. ولا بأس بتكريرها قبل الإقدام على الأمر المستخار فيه، أما بعد الإقدام فلا تكرر كما في الفتوى: 7234.
والصيغة التي ورد بها الحديث الذي رواه البخاري فيها أن تسمية الحاجة يكون في آخر الدعاء إذ ورد في الحديث ذكر الدعاء وفي آخره ويسمي حاجته، وجرى الحافظ ابن حجر في شرح الحديث على هذا الظاهر. وذهب علماء آخرون أنه يسمي الحاجة وسط الدعاء عند قوله: إن كنت تعلم أن هذا ا لأمر. قال صاحب كشاف القناع من الحنابلة في هذا الموضع من الدعاء " ويسميه بعينه". ويستحب أن يفتتح الدعاء بحمد الله والصلاة على رسوله ويختمه بذلك عند جمهور أهل العلم، واستحبوا أيضا قراءة سورة الكافرون في الأولى والإخلاص في الثانية. وذكر النووي رحمه الله تعليلا لذلك فقال: ناسب الإتيان بهما في صلاة يراد منها إخلاص الرغبة وصدق التفويض وإظهار العجز.
وأما أذكار الركوع والسجود فيها مثل أذكارهما في غيرها من الصلوات. واستحسن كثير من الفقهاء أن يزيد في صلاة الاستخارة على القراءة بعد الفاتحة بقوله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ*وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {القصص: 68ـ70}. في الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً {الأحزاب:36}. أما فقهاء الحنابلة ومن وافقهم فلم يقولوا بقراءة معينة في صلاة الاستخارة لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولمعرفة موضع الدعاء يرجى مراجعة الفتوى: 3534.
والله أعلم.