الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اتفق أهل العلم على تحريم الإسبال إذا كان للخيلاء وعدوا ذلك من كبائر الذنوب، واختلفوا في الإسبال من غير خيلاء، وقد سبق أن أصدرنا فتاوى بينا فيها أن القول الراجح عندنا هو التحريم مطلقا، سواء كان بخيلاء أو بغير خيلاء، وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 21266، 3900، 29002 فلا نعلم أحدا من أهل العلم عد الإسبال من غير خيلاء من الكبائر.
أما الأدلة المذكورة في السؤال فقد احتج ببعضها جمهور أهل العلم القائلون بكراهة الإسبال وليست هي شبهات كما ظننت، وقد أجبنا على أكثرها في الفتاوى المحال عليها سابقا، وأما أثر عمر بن الخطاب وإنكاره على ذلك الشاب فإن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ليس مكلفا شرعا بأكثر مما فعل عمر رضي الله عنه
أما قولهم: كيف يستوي الإسبال مع شرب الخمر؟ فالجواب أنهما لا يستويان، لأن بعض المعاصي أكبر من بعض، وكذلك الكبائر تتفاوت، فالقتل والزنا وشرب الخمر والعقوق أكبر من غيرها، ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله: قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور. متفق عليه، وراجع الفتوى رقم: 55926.
وأيضا دل الدليل على أن الشهيد يغفر له جميع ذنوبه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم. فيدخل في ذلك إن شاء الله إذا كان مسبلا أو شارب خمر.
وننبه الأخ السائل إلى أنه يجب علينا جميعا السعي في جمع كلمة المسلمين، ونشر روح الحب والرحمة بينهم، والتعاون على البر والتقوى، والتعامل مع المخالف في إطار الأخوة والنصح ما دامت المسألة مختلفا فيها فليسعنا ما وسع السلف الصالح. قال الإمام أحمد: لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على قوله. وليحذروا من الخلاف لغير سبب معتبر شرعا، فقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: الخلاف شر. رواه أبو داود، وراجع الفتوى رقم: 43417.
والله أعلم.