الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان القصد بستجيل المنزل باسم والدتكم حرمان بعض الورثة، فإنه لا يجوز لوالدكم تسجيل منزله أو غيره من ممتلكاته كوصية يخص بها بعض الورثة دون بعض، وإذا فعل ذلك فإنه لا يصح ولا يمضي إلا إذا أجازه بقية الورثة وكانوا رشداء بالغين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وغيره، وفي رواية الدارقطني: إلا أن يشاء الورثة.
ولا يصح أيضاً إذا كان هبة ناجزة على الراجح من أقوال أهل العلم -لما فيه من عدم العدل بين الأبناء والزوجات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: .... فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط. رواه أحمد وأصحاب السنن.
وقد سبقت الإجابة في حكم تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية وكذلك الزوجات، ولتفاصيل ذلك وأقوال أهل العلم حوله نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 53096، والفتوى رقم: 11389.
وعلى ذلك فلا تصح الهبة إلا إذا أعطى مقابلها للزوجة الأخرى وبقية الأولاد.
ولهذا فإنه لا فائدة من تسجيل المنزل باسم أمكم أو الوصية به بعد وفاة أبيكم لأنه لا يحقق لكم ملكا شرعياً، وربما زاد الأمور تعقيداً وسبب الكراهية والبغضاء بينكم، والحل الصحيح لمثل هذه الأمور اتباع شرع الله تعالى والقناعة به، فهو الذي ينصف الجميع ويعطي كل ذي حق حقه دون محاباة ولا تفريط.
وما دمتم في بلد مسلم فيه محاكم تحكم بشرع الله تعالى فلن تستطيع زوجة أبيكم ولا غيرها طردكم من البيت بعد وفاة أبيكم، لأن جميع ما ترك الأب من ممتلكات ثابتة ومنقولة تعتبر ملكاً لجميع الورثة، فلا فرق بين صغير وكبير أو غني و فقير، وقد تكفل الله عز وجل بتقسيمها تقسيما عادلاً، ولهذا نوصيكم بتقوى الله عز وجل، ونذكركم بقوله تعالى: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237}.
والله أعلم.