الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمؤخر الصداق هو ما ثبت في ذمة الزوج عند العقد، فإذا زاد الزوج هذا المؤخر بعد ذلك فلا تكون هذه الزيادة من مؤخرالصداق، بل تكون إما عطية وإما وصية، فإن كانت هبة وعطية ولم تقبضها الزوجة حتى مات الزوج فتقدم أن الموهوب له لا يملك الهبة إلا بالقبض، كما في الفتوى رقم: 18923
وإن كانت وصية فالوصية لا تجوز لوارث، والزوجة وارث، لكن تنفذ الوصية إذا أذن الورثة كما في الفتوى رقم: 1996
وما يزيده الزوج بعد العقد يأخذ حكم الصداق في حالة، ويأخذ حكم الهبة والعطية في حالة أخرى. قال في حاشية الخرشي شارحا لقول المختصر: وتشطر ومزيد بعد العقد ( ش ) يعني أن الزوج إذا طلق زوجته قبل الدخول عليها فإن صداقها يتشطر بهذا الطلاق؛ لقوله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ. فلو زاد الزوج لزوجته زيادة على صداقها بعد عقده على أنه من الصداق فإن تلك الزيادة تتشطر أيضا، وسواء كانت تلك الزيادة من جنس الصداق أم لا، اتصفت بصفاته حلولا وتأجيلا أم لا؛ لأن تلك الزيادة لها حكم الصداق في الجملة؛ لأنها تبطل لو مات أو فلس قبل قبضها للزوجة، فحكموا لها بحكم العطية في هذه الحالة لا بحكم الصداق، فلم تكن كالصداق من كل وجه، وفهم من قوله: بعد العقد أن المزيد قبل العقد أو حينه صداق. انتهى
الشاهد من هذا النقل أن ما زيد بعد العقد يبطل لو مات الزوج أو أفلس قبل أن تستلمه الزوجة.
وعليه، فهذه الزيادة ليست دينا على الزوج، ولا يثبت في ذمته إلا ما اتفق عليه قبل العقد أو أثنائه، ولا تختص زوجته إلا بمؤخر الصداق الذي وقع عليه العقد.
والله أعلم.