الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العلماء قد ذكروا أنه لا يحل لمسلم أن يفعل فعلا حتى يعلم حكم الله بسؤال العلماء، لقوله تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {النحل:43}، فهذا هو الأصل. والواجب أن يكون السؤال عن الفعل قبل الفعل، فينبغي اعتبار ذلك فيما بعد.
وأما ما فعلتموه من نبش القبر ودفن غير صاحبه فيه فإنه لا يجوز، فقد اتفق العلماء على أن الموضع الذي يدفن المسلم فيه وقف عليه ما بقي شيء منه من لحم أو عظم، فإن بقي شيء منه فالحرمة باقية لجميعه، فإن بلي وصار تراباً جاز الدفن في موضعه والانتفاع بأرضه، قال الطحاوي: ولا ينبش القبر إذا أهيل التراب لأن النبش حرام، ولا يجوز إلا لغرض صحيح، كإخراج مال ذي قيمة ترك بالقبر، أو الخشية على صاحب القبر من السباع أو السيل ونحوه، بل إن الأحناف قد منعوا ذلك مطلقا واعتبروه مثلة، والمثلة حرام.
وقال ابن قدامة: إنما هو مثلة في حق من تغير. وقال في المنهاج: ونبشه بعد دفنه للنقل وغيره حرام إلا لضرورة.
فالواجب عليكم الآن هو التوبة إلى الله سبحانه وتعالى والاستغفار من هذا الذنب والندم عليه والنية الجازمة أن لا تعودوا إليه ثانية، وتستغفروا لأمكم وتدعوا لها بالرحمة والغفران، فابن آدم إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث كما في الحديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له. أخرجه الترمذي والنسائي وابن حبان، وصححه الألباني، وللاستزادة نرجو مراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 27731، 19135، 57172، 16054.
والله أعلم.