الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولا حرج في أن تكون من أوله أو وسطه أو من آخره، بدليل الحديث الذي ذكرنا في الفتوى رقم: 51351 وهذه الأيام غير الأيام البيض التي يستحب صيامها أيضا، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه أوصى أبا هريرة بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهذا لا يختص بأبي هريرة، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أيضا أن صيام أيام البيض كصيام الدهر، كما في حديث النسائي عن جرير مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ونص الحديث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، وأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وإسناده صحيح... وأما ما رواه أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر. وما روى أبو داود والنسائي من حديث حفصة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام الاثنين والخميس، والاثنين من الجمعة الأخرى. فقد جمع بينهما وما قبلهما البيهقي بما أخرجه مسلم من حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ما يبالي من أي الشهر صام. قال: فكل من رآه فعل نوعا ذكره، وعائشة رأت جميع ذلك وغيره فأطلقت، والذي يظهر أن الذي أمر به وحث عليه ووصى به أولى من غيره، وأما هو فلعله كان يعرض له ما يشغله عن مراعاة ذلك، أو كان يفعل ذلك لبيان الجواز، وكل ذلك في حقه أفضل.. إلى أن قال الحافظ ابن حجر: وقال الروياني: صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب، فإن اتفقت أيام البيض كان أحب، وفي كلام غير واحد من العلماء أن استحباب صيام البيض غير استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر. انتهى. وعلى كل حال، فإن صيام أيام البيض مستحب، وكذلك صيام ثلاثة أيام من كل شهر، سواء كانت متتالية أو متفرقة، كما يظهر من الأحاديث المتقدمة ومن كلام العلماء.
والله أعلم.