الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن القتل الخطأ يوجب أمرين: أحدهما: الدية المخففة على العاقلة.
وثانيهما: الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المخلة بالعمل والكسب، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، ودليل ذلك قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92}، فهذا هو الواجب في حق القاتل خطأ، ولا يتغير هذا الحكم بما تعرض له أبوكم من المحاكمة والسجن.
وإذا عجز عن أداء الكفارة على الوجه الذي بينته الآية الكريمة فإن جمهور أهل العلم على أنه لا يجب عليه غير ذلك، وقال البعض بوجوب الإطعام، وراجع في هذا فتوانا رقم: 5914.
وإذا تنازل أصحاب الحق عن الدية بعد موت مورثهم فإنهم لا يمكنون من المطالبة بها بعد ذلك، لأنهم أسقطوا حقهم في الدية فلا يعود كما هو مقتضى القاعدة المشهورة (الساقط لا يعود) وسواء في ذلك أرفعوا الأمر إلى القضاء أم لا، إلا أن يكون من بينهم من لا تمضي تصرفاته للصغر أو السفه ونحوه، فإن نصيب أولئك من الدية لا يسقط عن عاقلة القاتل، وراجع في هذا فتوانا رقم: 51560.
والله أعلم.