الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد خلق الله تعالى المرأة لأمر عظيم وهو عبادة الله تبارك وتعالى، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذاريات:56}، وقال تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا {الأحزاب:35}، وقال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {التوبة:71}، وقال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ {البقرة:228}.
وفي الحديث عند أبي داود والترمذي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: النساء شقائق الرجال.
فكيف يقال بعد ذلك إن مكانة المرأة في الإسلام كالنباتات والدواب، هذا جهل عظيم، وأما الآية فإنها تتحدث عن حكمة من حكم الله تعالى في خلق المرأة، وهذه الحكمة هي أن المرأة خلقت ليكتمل الجنس الإنساني، فما العيب في ذلك بل هذا مدح فالرجل لا يكتمل إلا بالمرأة، ومثل هذا النظر السطحي المجتزئ لآيات الكتاب دون فهم ووعي يجلب المصائب.
ثم إن الله تعالى جعل الرجل مكملا للمرأة كما أنها مكملة له، وجعل الغني مكملا للفقير، والفقير مكملا للغني إذ لو وجد الأغنياء فقط لما قامت المصالح، فالغني بحاجة إلى المسكن وإلا كان في الخلاء يعاني حر الشمس وشدة البرد، وبحاجة إلى المطعم وإلا مات جوعاً، وبحاجة إلى الملبس، وكل ذلك لا يتم إلا بالمزارعين والبناة والنساجين والخياطين والخبازين، فالغني محتاج إلى هؤلاء جميعاً وإلا تضرر، وهم أيضاً محتاجون للأغنياء وإلا لتعطلت أعمالهم وحرفهم، فسنة التكامل سنة ربانية، وكل المخلوقات متصفة بصفة الفقر والحاجة، فالنباتات بحاجة إلى المزارع والماء والتراب والضوء، وقل مثل ذلك في الحيوانات، بل الأرض بحاجة إلى الشمس وبقية الكواكب، وهذا الكون الفسيح كله بحاجة إلى من يضبط نظامه، ويسير أفلاكه. والغني المطلق الذي تحتاج إليه المخلوقات ولا يحتاج إليها هو الله تعالى، فلا مكان لهذه الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام، وتراجع الفتوى رقم: 61329.
والله أعلم.