الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن فاحشة اللواط عظيمة، وهي من كبائر الذنوب، وقد قال بعض العلماء: إن مفسدة اللواط تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من القتل، ولذلك كانت عقوبة فاعلي هذه الفاحشة من أعظم العقوبات، وانظر الفتويين: 6872، 1869
واعلم رحمك الله أن الموت يأتي بغتة، ولا يمهل الإنسان ليتوب، فبادر الآن قبل أن لا ينفع الندم وتب إلى الله، واندم على ما فرطت في جنبه تعالى، واعقد العزم على عدم العودة إلى تلك الفاحشة أبدا.
واعلم أن الله يقبل توبة عبده ويغفر له ذنبه إذا جاءه نادما منكسرا ذليلا، ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره. قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة: 104} وقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} بل إن من واسع رحمته سبحانه أنه يبدل سيئات التائب حسنات، قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68-70}
هذا، وننصحك بأن تجعل رجوعك إلى الله واستقامتك على أمره خالصين لوجهه الكريم، لا حفظا لماء الوجه ولا السمعة ولا نحو ذلك من المقاصد الباطلة التي تحبط العمل وتحول دون قبوله، فالدنيا كلها لا تساوي عند الله شيئا، وسخط الناس لا يقارن بسخط الله، فاجعل الله والدار الآخرة أكبر همك.
ولعل ما أنت فيه من البلاء مكفرا لبعض سيئاتك وماحيا لبعض ذنوبك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه البخاري ومسلم.
هذا، وحذار من صحبة أهل الريبة الذين انتكست فطرتهم فاشتهوا الرجال من دون النساء، فإن صحبة هؤلاء مردية وهم يزينون المعاصي كفعل الشياطين.
وابذل الوسع في تغيير نفسك فالزم الخشونة وتجنب الميوعة واحذر من التكسير في الكلام الذي يطمع فيه أهل الريب، وتشبه بفحول الرجال، ومن ذلك إعفاء اللحية وغيرها من المظاهر الدالة على الفتوة، ولا بأس في الاستعانة بطبيب مختص بالصحة النفسية، وهون على نفسك مما تخافه من الفضيحة، فلعل الرجل لا يخبر أحدا، وإن أخبر فأطلع من اطلع منهم على توبتك وتغير حالك، وقد تاب كثير من ذنوب أعظم من ذلك وكانت التوبة شرفا لهم، ولا ينبغي أن تحرص كثيرا على رضا الناس، واجعل غاية مطلوبك رضا الله عز وجل، وهو يحب التوابين كما أخبر في كتابه، وانتفع بالنصائح الواردة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57110، 59332، 60222، 56002.
والله أعلم.