الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا أن بينا في الفتوى: 46470، أن عقد النكاح ليس له صورة معينة، وإنما له شروط لا يصح إلا بها، فإذا توفرت هذه الشروط، صح العقد بأي صورة كان. ففي الحطاب وهو من علماء المالكية: ليس للإيجاب والقبول لفظ معين، وكل لفظ أو إشارة فهم منها الإيجاب والقبول لزم به البيع وسائر العقود، إلا أن جمهور الفقهاء قد اشترطوا في الإيجاب والقبول لفظ التزويج أو الإنكاح.
قال عليش في منح الجليل: وينعقد النكاح بقول الزوج ابتداء للولي زوجني، فيفعل الولي بأن يقول له: زوجتك أو فعلت، فمتى تلفظ الولي أو الزوج بلفظ الإنكاح أو التزويج فيكفي أن يجيبه الآخر بما يدل على القبول بأي صفة، ومتى خلا لفظهما معاً أي الزوج والولي منهما أي عن لفظ الإنكاح والتزويج لم ينعقد إلا لفظ الهبة مع الصداق.
وقال الشربيني من الشافعية: ولا يصح إلا بلفظ اشتق من لفظ التزويج أو الإنكاح.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا ينعقد بغير لفظ الإنكاح والتزويج.
وقد فصلنا الكلام عن شروط العقد في الفتوى: 25637، والفتوى: 1766، فراجعهما.
وأما بخصوص خطبة الحاجة وهل تكون مع الخطبة أو مع العقد، فقد قال خليل في مختصره: وخطبة بخطبة وعقد. وشرح ذلك الحطاب في مواهب الجليل بقوله: وهي مشروعة أي الخطبة في الخطبة وفي العقد.
وقال الصنعاني في سبل السلام عقب حديث ابن مسعود الذي وردت فيه خطبة الحاجة: وفيه دلالة على نسبة ذلك في النكاح وغيره، ويخطب بها العاقد بنفسه حال العقد وهي من السنن المهجورة، وذهبت الظاهرية إلى أنها واجبة.
وقال البهوتي في كشاف القناع: ويستحب أن يكون العقد بعد خطبة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يخطبها العاقد أو غيره من الحاضرين قبل الإيجاب أو القبول.
وقال الشيخ عبد القادر: وإن أخر الخطبة عن العقد جاز. قال في الإنصاف: ينبغي أن تقال مع النسيان بعد العقد، وكان الإمام أحمد إذا حضر عقد نكاح ولم يخطب فيه بها قام وتركهم، وهذا منه على طريق المبالغة في استحبابها.
والله أعلم.