الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمغالاة في الصالحين لها مظاهر مختلفة، منها دعاؤهم والتبرك بقبورهم واتخاذها مساجد وتصويرهم ونحو ذلك من الوثنيات الجاهلية... وإن الشرع الحنيف قد سد كل ذريعة إلى الوثنية الجاهلية، وأغلق كل باب يؤدي إلى عبادة غير الله. ويجب على المسلمين سد تلك الأبواب، حماية لعقيدة التوحيد، وصيانة لهم من الوقوع في مهاوي الضلال. روى البخاري ومسلم أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله. ولهما عن عائشة قالت: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها فقال -وهو كذلك-: لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا. وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك. وروى مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وروى أبو داود في سننه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا.
فهذه النصوص –وغيرها كثير- تحث على البعد عن الغلو في الصالحين الذي قد يؤدي إلى عبادتهم كما حصل لقوم نوح.
وقد تبين لك من هذه الفتوى موقفنا ممن يفعل ذلك.
والله أعلم.