الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يشفي الأخت السائلة، وأن يرفع عنها هذا الأمر الذي يؤرقها، ونوصيها بتقوى الله تعالى، وأن تتوضأ عند النوم وتقرأ الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً وأية الكرسي عند الاضطجاع للنوم وتعرض عن الوساوس، فإن الإعراض عنها سبب في ارتفاعها، فإذا استرسل المرء معها تفاقمت حتى يلبس عليه أمر دينه، لذلك وجب الإعراض عن وساوس الشيطان قطعاً للطريق أمامه، فهو لا يسعى في أمر فيه مصلحة العبد أبداً، فلا تظن الأخت السائلة أن الشيطان يسعى لتخويفها من الله تعالى، بل إنما يسعى ليزيدها وسوسة حتى لا تقوم بعبادة إلا وخيل إليها أنها غير صحيحة، فإذا توضأت شكك في وضوئها، وإذا تطهرت شكك في طهارتها، وهكذا. وراجعي الفتوى رقم: 51601.
ثم إن الظاهر من خلال مواصفات هذا الخارج أنه مذي والواجب منه الوضوء فقط مع غسل المحل والأماكن التي يصيبها. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية: 50236، 4036، 19863، 3891.
وسواء خرج في النوم أو اليقظة عند الاستحمام أو غيره، فما دام لم يتصف بصفات المني الموجود في الفتاوى المشار إليها فهو مذي والحكم فيه ما ذكرنا، ومن شك في الخارج منه هل هو مذي أو مني، فإن من أهل العلم من يخيره في جعله منياً فيغتسل أو مذياً فيتوضأ، وهذا مذهب الشافعية وهو الأرفق بالسائلة، فإن شكت هل الخارج منها مذي أو مني فلها أن تجعله مذياً فتتوضأ. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 2860.
وإنما قلنا بأن هذا الخارج مذي ولا يلزم منه الغسل بناء على قول الأخت السائلة أنه ليس أصفر ولا ينزل باندفاع وقوة ولا تشعر بعده بفتور، وهنا نوجه لها سؤالاً عن قولها لا أشعر بمتعة إلا إذا كانت متعة خفيفة ماذا تعني بالمتعة؟ فإن كانت تعني بالمتعة أنه يخرج منها في وقت الشهوة دون لذة بخروجه فهذا مذي، وفرق بين ما يخرج في وقت الشهوة ولا يجد الشخص لذة خروجه، بل قد لا يحس به وبين ما يخرج بشهوة ويتلذذ الشخص بخروجه، فالأول مذي والثاني مني.
قال النووي في المجموع: أما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشعور ولا دفق ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه ويشترك الرجل والمرأة فيه. قال الإمام الحرمين: إذا هاجت المرأة خرج منها المذي وهو أغلب فيهن من الرجال. انتهى
وإن كانت تعني بقولها إلا متعة خفيفة أي لذة وتفتر شهوتها بعد خروجه فهذا مني. قال النووي أيضاً: وأما مني المراة فأصفر رقيق وقد يبيض بفضل قوتها، قال إمام الحرمين والغزالي: ولا خاصية له إلا التلذذ وفتور شهوتها عقيب خروجه ولا يعرف إلا بذلك، وقال الروياني: رائحته كرائحة مني الرجل فعلى هذا له خاصيتان يعرف بإحداهما. انتهى
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع عند قول المؤلف: وموجبه خروج المني دفقاً بلذة قال: بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: الماء من الماء. كما في صحيح مسلم. أي المني وظاهر الحديث أنه يجب الغسل، سواء خرج دفقاً بلذة أم لا وهذا مذهب الشافعي أن خروج المني مطلقاً موجب للغسل حتى ولو بدون شهوة وبأي سبب خرج لعموم الحديث، وجمهور أهل العلم يشترط لوجوب الغسل بخروجه أن يكون دفقاً بلذة.. إلى أن قال: ولهذا ذكروا لهذا الماء ثلاث علامات: 1- أن يخرج دفقاً. 2- رائحته فإذا كان يابساً فإن رائحته تكون كرائحة البيض، وإن كان غير يابس تكون كرائحة الطين واللقاح. 3- فتور البدن بعد خروجه.
فلتنظر السائلة هذه المواصفات ومن خلال هذه الفتوى والفتاوى المحال عليها ستعرف هل هذا مني أو مذي، وعلى أنه مني فقد صار له حكم السلس، وقد أوضحنا حكم من به سلس المني في الفتوى رقم: 41896.
والله أعلم.