الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي ظهر لنا من سؤالك أنك اغتسلت من الحيض بعد الطهر من الدم من قولك (وبعد عشرة أيام تطهرت واغتسلت).
ثم حصل وطء، وكذا نية الصيام قبل الفجر إلا أنك لم تغتسلي لعدم توقف الدم كما تقولين، ويظهر أن الدم الذي لم يتوقف هو من أثر فض البكارة لا الحيض، ولا هو الدم البني الذي رأيته أثناء النهار.
ويصح الاغتسال قبل انقطاع دم البكارة، وما دمت لم تغتسلي قبل انقطاعه ودخل عليك الفجر قبل الغسل، فإن صومك صحيح ولا يجب عليك قضاؤه، لأنه لا يشترط لصحة الصيام دخول الفجر والإنسان على طهارة عند جماهير أهل العلم رحمهم الله تعالى، والدم البني والأصفر بعد الطهر لا يأخذ حكم الحيض على الأصح، بل هو دم فساد، ففي صحيح البخاري وغيره عن أم عطية رضي الله عنها، قالت: كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً، زاد أبو داود بعد الطهر، وقد بوب البخاري بما يقتضي هذه الزيادة فقال: باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض.
ومقصود أم عطية أن ذلك كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مع اطلاعه عليه وتقريره له، وعلى هذا يكون الحديث في حكم المرفوع، كما نبه على ذلك الحافظ في الفتح.
والحديث يدل بمنطوقه على أن الكدرة والصفرة في زمن الطهر ليستا حيضاً، ويدل بمفهومه على أنهما في زمن الحيض حيض، كما عليه الجمهور.
وعلى هذا، فمن رأت الكدرة أو الصفرة بعد تحقق الطهر كانتا بالنسبة لها من نواقض الوضوء فقط، وليستا من الحيض.
وأما الدم البني الغامق ومثله الأصفر، فقد سبق أنه إن اتصل بالحيض فله حكمه، وإن جاء بعد الطهر فهو دم فساد، ولا يلزم منه الغسل، ولا يمنع من الصلاة والصيام والوطء.
والله أعلم.