الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المرأة لا يجوز لها أن تزوج نفسها، ولا أن تزوج غيرها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها. رواه ابن ماجه والدارقطني وصححه ابن الملقن والألباني، ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه أحمد والبخاري وابن معين وعلي بن المديني، ولقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وحسنه الترمذي وصححه الحاكم والألباني، وقال ابن معين: إنه أصح حديث في الباب.
فلا يجوز إذاً أن تزوج هذه المرأة نفسها، ولا يجوز أيضاً لخالتها أن تزوجها، وأولى الناس بتزويجها أبوها، وما دام أبوها موجوداً فإنه هو الذي يلي أمر زواجها، ولو كان في بلد آخر، قال ابن عابدين في حاشيته: وأما لو كان لها عصبة -أي ولي- غائب، فهو كالحاضر، لأن ولايته لا تنقطع.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: وقال مالك في الرجل يزوج المرأة من قومه ولها ولي غائب: إن ذلك النكاح لا يجوز وإنه يفسخ، إلا أن يرى السلطان أن ذلك النكاح حسن لا بأس به، فقيل لمالك: فالرجل يزوج أخته وأبوه غائب؟ فقال: لا يُنكحها حتى يكتب إلى أبيه.
وأما إذا امتنع أبوها من تزويجها، فإن ولايتها تنتقل إلى القاضي، قال عليش في منح الجليل: إن امتنع الولي الأقرب تنتقل الولاية إلى الحاكم لا إلى الأبعد.
والله أعلم.