الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عضل الزوج زوجته لتفتدي منه وتلجأ إلى الخلع من أشد أنواع الظلم وأقبحه وقد كان شائعا في الجاهلية فأبطله الإسلام ونهى الله سبحانه وتعالى عنه ، وأمر بالإحسان إلى النساء ومعاشرتهن بالمعروف أو تسريحهن بإحسان كما في قوله: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة: 229}. وقوله: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرا* وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً {النساء:19ـ20}. وقال صلى الله عليه وسلم للملاعن زوجته لما قال: مالي فقال صلى الله عليه وسلم: لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك. متفق عليه. فلا يجوز لك أن تكذب عليها وتخدعها وتظلمها لتفتدي منك وتعيد إليك المهر، فإن فعلت فالخلع باطل والبدل مردود، ويرى الإمام مالك نفاذ الخلع وعده طلاقا، ويجب على الزوج رد ما أخذه. فالخلع إنما يجوز للزوجة عند نشوزها وكرهها للرجل كما بينا في الفتوى رقم: 3118. وما ذكرته من الأمور لا يبرر عضلك إياها ـ فما دامت تعلن إسلامها وتلتزم بأداء الفرائض فهي مسلمة وإن قصرت في بعض الأمور المستحبة والسنن الراتبة ونحو ذلك مما ليس بفرض مثل الشفع والوتر وغيره من السنن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سأله عن الإسلام" خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع.. إلى قوله ... فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق. متفق عليه واللفظ للبخاري، ولمسلم: هل علي غيرهن. وأما الحجاب فلا مساومة عليه، ولكن ما دامت حديثة عهد الإسلام فكان الأولى أن ترغبها فيه وتعينها عليه وتنصحها بالحكمة والموعظة الحسنة، وتريها من نفسك القدوة الصالحة من الالتزام بأحكام الإسلام وآدابه وتعاليمه وإن كانت غير ملتزمة تحرص على هدايتها، ففي الحديث: فوالله لأن يهدي بك رجل واحد خير لك من حمر النعم. رواه البخاري.
فاتق الله سبحانه وتعالى في تلك المرأة ولا تفتنها في دينها وتصدها عن إسلامها ، فإما أن تمسكها بمعروف أو تسرحها بإحسان. وإياك والظن" فإن الظن أكذب الحديث" متفق عليه. ورمي المسلم بالكفر خطير خطير فقد قال صلى الله عليه وسلم: إيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه. متفق عليه واللفظ لمسلم.
وأما حكم الاجهاض فقد بيناه في الفتوى رقم: 44731. فنرجو مراجعتها، ويجب أن تتنبه إلى أن الإسلام يجب ما قبله، كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله جل وعلا: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ {الأنفال: 38}. فكون هذه المرأة فعلت أفعالا محرمة قبل أن تسلم لا أثر له عليها ولا على ما هي عليه الآن.