الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنشكرك على العناية بأمك، ونوصيك بالحرص على المزيد من ذلك دون تضجر ولا منة، فأمك هي التي حملتك وأرضعتك وسهرت عليك وربتك حتى بلغتَ مبلغ الرجال وهذا يوجب عليك شرعا وطبعا أن تقابل هذا بالإحسان والبر ما استطعت إلى ذلك سبيلا، لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف: 15} وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل سأله من أبر؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك. رواه أبو داود
فعليك أخي بالمبالغة في إكرام هذه الأم فالجنة تحت قدميها. فقد روى النسائي من حديث معاوية بن جاهمة أنه جاءه رجل فقال يا رسول الله: أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك؟ فقال: هل لك أم؟ فقال: نعم قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها.
وإياك أن يصدر منك قول أو فعل ينافي حرمتها وتوقيرها، بل الواجب مقابلة الإساءة منها بالإحسان، فإن صبرت على ذلك نلت الأجر الجزيل من ربك سبحانه.
هذا، وندعو أمك إلى أن تتقي الله تعالى فيك ونذكرها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: رحم الله والدا أعان ولده على بره. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه.
هذا فيما يتعلق ببر الأم
وبخصوص تثاقلها من خروجك بزوجتك لزيارة أهلها في البلد المشار إليه أو حب تطلعها على الأمور الخاصة بك وبزوجتك مما لا يترتب عليه تفويت حق لها فلا يلزمك إطلاعها عليه ولا تلبية رغبتها في ذلك.
قال ابن حجر الهيتمي في رده حول أحقية الوالد في منع ابنه من الخروج لقضاء حوائجه وزيارة الصالحين أو نحو ذلك من القُرَب، فأجاب رحمه الله بقوله: إذا ثبت رشد الولد الذي هو صلاح الدين والمال معا لم يكن للأب منعه من السعي فيما ينفعه دينا ودنيا. اهـ.
وليكن كل ما تقوم به من تعاملك مع أمك مصحوبا بالرفق واللين لها في الكلام وتجنب كلما من شأنه أن يغضبها.
والله أعلم.