الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصلاة هي عماد الدين، وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الكفر -أو الشرك- ترك الصلاة. أخرجه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم. فبادر إلى التوبة مما كنت تركته من الصلوات، ولك أن تراجع في تفصيل أحكام ترك الصلاة فتوانا رقم: 1145.
ثم اعلم أن علم الغيب هو مما اختص الله تعالى به، قال تعالى: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ {النمل: 65}. وقال أيضاً: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ {الأنعام: 59}. وقال أيضاً: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ {الجن: 26-27}.
وأما الخلق، فإن علمهم حادث ومسبوق بجهل، وهو علم قاصر، والغيب محجوب عنهم. وقد يطلع الله تعالى بعض مخلوقاته على شيء من الغيب عن طريق الرؤى الصالحة أو الإلهام والتحديث. وربما أطلق العلماء على هذا النوع من العلم بالمغيبات الكشف، ومدار الأمر فيما يقع منه لأهل الصلاح هو على استقامة الحال وسلامة المعتقد، فإن جنس هذا العلم يحصل للبر والفاجر، والمسلم والكافر، والمحدث والكاهن. وكما قال السلف: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء، فلا تغتروا بعمله، حتى يعرض على الكتاب والسنة.
وبما أنك ذكرت أنك لا تقوم بالصلاة بكيفية منتظمة، وأنك أحياناً لا تصلي، وأنك قبل كتابتك للسؤال قد ارتكبت إثماً عظيماً يكاد يقتلك، فالذي نراه في جميع ما ذكرته من معرفة لما يدور في عقول من حولك، وما تراه من أحلام مروعة، وما تجده من شعور بالصلبان تتحرك أمام عينك، وكأنك تقاوم يدك التي تريد أن تصلي صلاة المسيحيين الكفار، وغير ذلك مما ذكرته في سؤالك وفصلته تفصيلاً، أقول: إن الذي نراه هو أن الشيطان أراد أن يعبث بك، وأنك جاريته فيما كنت تفعله من كلام عن المغيبات، ومن ترك للصلاة، ومن ارتكاب للآثام ونحو ذلك.
فبادر إلى التوبة من كل هذا، وداوم على ذكر الله وتلاوة القرآن والعبادة، واصحب أهل الخير، وباعد أهل السوء، فعسى الله أن ينقذك مما أنت فيه، ونسأل الله لنا ولك العافية.
والله أعلم.