الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن القسمة التي تراضيتم عليها ورضيتم بها لتركة أبيك تعتبر ماضية، ولا يحق لأحد الرجوع فيها ولو حصل له غبن ما دام الجميع قد رضوا بها أولاً، وكانوا بالغين راشداء، ويشرط في نصيب غير البالغ الرشيد أن لا يكون مغبونا فيه، وعلى هذا فإن كان نصيب الأخت المعاقة عقلياً يساوي نصيبها لو قسمت التركة تقسيماً شرعياً فالأمر ماض ولا إشكال فيه، وإلا فإنه يجب عليكم أن تعيدوا إليها ما فات من حقها هذا ، قال ابن عاصم المالكي في التحفة عن قسمة الرضا والاتفاق:
ومدع غبنا بها أو غلطاً مكلف إن رام نقضا شططا
فهذا النوع من القسمة لا يرد لأنه وقع بالتراضي، وليس لأنه وصية من أبيكم، فالوصية للورثة لا عبرة بها كما قال النبي صلى الله عيله وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وغيره.
وأما عن رجوع أمكم فيما وهبت لكم فيجوز لها ذلك بشروط، فقد نص أهل العلم على أن للأبوين أن يعتصرا ما وهباه لأبنائهما من العطايا التي لم تكن لعوض أو صدقة عليهم، وذلك لما رواه أحمد وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي لولده.
وهذا بشرط أن لا يتصرف الأبناء في الهبة بتفويت أو تغيير بين أو حدوث مرض مخوف للواهب أو الموهوب له.
قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة ممزوجاً بشرح النفرواي: وله أي الأب (وكذلك الأم) أن يعتصر ما وهب لولده الصغير أو الكبير ما لم ينكح لذلك أو يداين أو يحدث في الهبة حدثاً ينقصها في ذاتها أو يزيدها فإنها تفوت عليه.
وهو ما درج عليه ابن عاصم في التحفة حيث يقول:
ولا اعتصار بعد موت أو مرض له أو النكاح أو دين عرض.
ولهذا، فإن كانت والدتكم في مرض مخوف فإنه لا يحق لها اعتصار هبتها في حال المرض المخوف، وكذلك إذا كنتم أحدثتم تغييرا بينا في المنزل ولا عبرة بطول المدة لأنه ليس من موانع الاعتصار.
وننبه إلى أنه ينبغي لوالدتكم أن تسوي بين أبنائها وبناتها في العطية، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6242 ومذاهب العلماء فيه، فنرجو الاطلاع عليه.
والله أعلم.