الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عدم الخشوع في الصلاة سواء كانت فرضاً أو نفلاً، ليس عذراً لتركها ولا لقطعها.
فالواجب في الفريضة أن يصليها المسلم، ويحاول ما استطاع أن يخشع فيها، ويجاهد نفسه على ذلك.
وأن يستحضر عند تكبيرة الإحرام عظمة الله، والوقوف بين يديه، ويتذكر أن هذه الصلاة قد تكون آخر صلاة يصليها في الدنيا، فهذا مما يعين على الخشوع.
والخشوع -رغم أنه هو روح الصلاة ولبها- ليس شرطاً لصحتها عند جمهور العلماء، فلا تبطل الصلاة بعدم وجوده فيها، ومعنى ذلك أنه لا يطالب من لم يخشع فيها بالإعادة، ولكن ثوابها ينقص بنقصانه، ويذهب بذهابه. وقد أوضحنا معنى الخشوع، وما يترتب على عدم حصوله، في الفتوى: 4215.
وأما النافلة فليست واجبة، إلا أن عدم الخشوع فيها أيضاً ليس مبرراً لتركها ولا قطعها.
ولبيان حكم قطع الصلاة، راجع الفتاوى: 11131، 39122، 62683.
والحديث الذي أشرت إليه أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الصلاة لوقتها، وأسبغ وضوءها، وأتم لها قيامها وخشوعها وسجودها؛ خرجت وهي بيضاء مسفرة، تقول: حفظك الله كما حفظتني، ومن صلى الصلاة لغير وقتها، فلم يسبغ وضوءها، ولم يتم لها خشوعها ولا ركوعها ولا سجودها؛ خرجت وهي سوداء مظلمة تقول: ضيعك الله كما ضيعتني، حتى إذا كانت حيث شاء الله، لفت كما يلف الثوب الخلق، ثم ضرب بها وجهه. قال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب: ضعيف جدا.
وعلى فرض صحته، فلا يمكن بحال أن يفهم منه أن الحل لمن لم يخشع هو أن يترك الصلاة، وإنما الحديث يدل على الحث على المحافظة على الصلاة بشروطها وأركانها وواجباتها وخشوعها، والتحذير الشديد من تصييع ذلك.
والخلاصة أن عدم الخشوع لا يعالج بترك الصلاة ولا بقطعها، بل بمحاولة استجلاب الخشوع فيها بما ذكرنا وسؤال الله ذلك، والاستعانة بالله تعالى عليه.
والله أعلم.