الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان أخوك ثقة مأموناً، وكان سكنه في البيت بحيث لا يرى زوجتك، فلا حرج في ذلك، ومعلوم أن أخا الرجل ليس محرماً لزوجته، وأنه لا يجوز أن يخلو بها أو أن تكشف شيئاً من جسدها عنده، فهو كغيره من الأجانب، بل الفتنة به أعظم ليسر دخوله وخروجه، وهذه هي العلة التي لأجلها شدد النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الحمو وهو قريب الزوج، كما في الصحيحين: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.
قال النووي -رحمه الله-: وأما قوله صلى الله عليه وسلم (الحمو الموت) فمعناه أن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه، والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه، بخلاف الأجنبي والمراد بالحمو هنا: أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه... وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم، وعادة الناس المساهلة فيه، ويخلو بامرأة أخيه، فهذا هو الموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه. انتهى كلام النووي رحمه الله.
وتنتفي الخلوة بوجود الخادمة والأولاد الذين هم في سن يدركون معها ما يجري من حولهم، لما ذكره الإمام النووي عند كلامه على حديث: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. قال: وأما إذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما فهو حرام باتفاق العلماء، وكذا لو كان معهما من لا يستحيى منه لصغره كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك فإن وجوده كالعدم. انتهى كلامه، فدل هذا على أن الخلوة تنتفي بوجود من له إدراك وفطنة ويستحيى منه من الأولاد والخادمة، ولكن الأقرب إلى الورع هو البعد عن كل منفذ يمكن أن يدخل منه الشيطان، ما لم يكن الإنسان مضطراً إليه.
والله أعلم.