الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للشخص أن يأخذ أجرة على إمامته للناس في الصلاة، أو قراءته للقرآن، إلا إذا أعطي من بيت مال المسلمين، أو كان فقيراً محتاجاً وأخذ لذلك، وإن استعف فهو خيرٌ له. هذا ما ذهب إليه الأئمة الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد. قال الشربيني في المغني: وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِلْإِمَامَةِ وَلَوْ نَافِلَةً: كَالتَّرَاوِيحِ؛ لِأَنَّ فَائِدَتَهَا مِنْ تَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لَا تَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَلْ لِلْأَجِيرِ. انتهى
وقد وردت أحاديث دالة على المنع من ذلك مثل: حديث أبي بن كعب قال: علمت رجلاً القرآن فأهدى لي قوساً، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إن أخذتها أخذت قوساً من نار فرددتها" رواه ابن ماجه، ومثل ما رواه أحمد والترمذي عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا القرآن وأسألوا الله به، فإن من بعدكم قوما يقرؤون القرآن يسألون به الناس".
أما ما يؤخذ من الأموال العامة على الإمامة أو نحوها فلا بأس به، لأنه ليس بعوض بل رزق يستعان به على الطاعة، ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة، ولا يقدح في الإخلاص، وإلا لما استحقت الغنائم وأسلاب المقتولين.
فالحاصل أن من حبس نفسه حبساً كليا أو جزئيا للإمامة أو غيرها من الأمور العامة، فلا حرج عليه فيما دفع إليه عن طيب نفس من الدافع بدون مشارطة. والله تعالى أعلم.