الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا أراد هذان الشريكان فض الشركة والحصول على نصيبها منها جاز لهما ذلك، لأن الشركة عقد جائز غير لازم، يجوز لكل واحد من الشركاء فضه وقتما شاء، وليس للشريك عند فض الشركة إلا رأس ماله مع أرباحه إذا كان ثم ربح، أو ما بقي من رأس المال إذا كانت ثم خسارة، وذلك بحسب نصيبه في الشركة. أما إذا أرادا الاستمرار مع الامتناع عن المساهمة في زيادة رأس مال الشركة لتعويض الخسارة الحاصلة فيها ولإتمام المشروعات التي تحتاج إلى تلك النفقات، ولم يمكن إجبارهما على ذلك. فلا مانع والحالة كذلك أن يقوم بقية الشركاء أوبعضهم بزيادة رأس مال الشركة لسد الخلل الحاصل فيها، وللمحافظة على بقية المال من الضياع، وليس لهذين الشريكين المطالبة بعائد تلك الأموال التي زادها الشركاء الآخرون حتى يؤخذ منه ما يخص حصته من النفقة، فإن دفعها أخذ ما يقابل حصته من العائد، وإن لم يدفعها كان النفع المترتب على الزيادة حقاً خالصاً لمن دفعه، وقد نص الفقهاء على صور كثيرة تشبه المسألة التي نحن بصددها، ومن هولاء ابن رجب في القواعد فقال: القاعدة السادسة والسبعون: الشريكان في عين مال أو منفعة إذا كانا محتاجين إلى رفع مضرة أو إبقاء منفعة أجبر أحدهما على موافقة الآخر في الصحيح من المذهب، وفي رواية أخرى إن أمكن أحدهما أن يستقل بدفع الضرر فعله ولم يجبر الآخر معه، لكن إن أراد الآخر الانتفاع بما فعله شريكه فله منعه حتى يعطيه حصة ملكه من النفقة. ا.هـ. وراجع الفتوى رقم: 57571، ورقم: 24933، ورقم: 15385.
والله أعلم.