الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا غرابة في أن ينتاب الإنسان في بعض أحيانه شيء من الخوف والشك، وتضعف شخصيته لتلبسه بأمر معين، وقد يرجع ذلك إلى حالة نفسية يعاني منها، وقد يكون لظروف اجتماعية، وقد يكون لأسباب مادية، وقد يكون لغير ذلك.
وعلى أية حال، فخير ما يعين على هذه الأمور هو تقوية الإيمان والثقة بالله، وترك الوساوس والخيالات الفاسدة، والمحافظة على الفرائض والإكثار من الأعمال الصالحة، ولا سيما الصدقة وقيام الليل والدعاء والذكر.
وما ذكرت من أنك وقعت فيه من هتك عرضك وأنت طفل أكثر من مرة، وإن ذلك كان بموافقتك، ليس دليلا على أنه لا شهامة لديك ولا عزة، لأنك لم تكن مخاطبا حينذاك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة، وذكر منهم: الصبي حتى يبلغ. رواه أحمد وأبو داود من حديث علي رضي الله عنه.
أما الآن وقد بلغت سن الخطاب والتكليف، فينبغي أن تعلم أن فتح الباب لمثل هذه الأسئلة على نفسك قد يزيد ما أنت فيه من الشكوك والحيرة.
فالله تعالى حكيم رحيم وعادل في قضائه وقدره، ولا يتنافى ذلك مع ما يمكن أن يلحقه ببعض عباده من المصائب والنكبات، فإن ذلك يكون تارة لتكفير الخطايا ومحو السيئات عنهم، وتارة يكون لرفع درجاتهم، وتارة يقع لتمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين.
وتارة يعاقب المؤمن في الدنيا على بعض الذنوب التي اقترفها، وفي هذه الحالة فإن العقاب لا يسبق الذنب، وإنما يعاقب على ما اكتسبت يده، ويعفى عن كثير منه، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)
فأبعد عنك هذه الشكوك، وهون على نفسك، واعلم أن الله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
والله أعلم.