الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسن صديقك إليك حينما ساعدك على إيجاد عمل تتكسب منه، ونسأل الله تعالى له أحسن الجزاء على ذلك، وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدينا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
وقد أحسنت أنت أيضاً عندما بادرت إليه بالاعتذار بغض النظر عن كونك أخطأت أو لم تخطئ، فهذا دليل الإنصاف، فإن الشيطان حريص على إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم. رواه مسلم.
وما دمت قد اعتذرت لصديقك، فقد أديت ما عليك، ففي الصحيحين من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
وننصحك بأن تبذل المستطاع من الأسباب لوصل ما انقطع بينك وبين صديقك، ومن ذلك أن تسأل الله في دعائك أن يفتح بين قلبيكما بالحق، ومن ذلك أيضاً أن تدخل أحد الإخوة الثقات الحريصين، فيصلح بينكما، ونذكر صاحبك بجزاء العافين عن الناس كقوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشروى: 40}.
وقوله: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور: 22}.
ونحذره كذلك من مغبة التقاطع والتهاجر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: تفتح أبواب الجنة كل يوم اثنين وخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلى من بينه وبين أخيه شحناء، فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.
فإن لم تجد معه محاولات الصلح فلا عليك، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وراجع الفتوى رقم: 22278.
والله أعلم.