الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن سورة عبس نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم كما قرره المفسرون لما أخرجه الترمذي في سننه ومالك في موطئه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 38915.
والعبوس وهو تقطيب الوجه وظهور أثر الكراهة عليه من الأعراض التي تعرض للبشر، والنبي صلى الله عليه وسلم بشر وذلك لا ينافي كمال خلقه، فقد عاتبه ربه في آيات غيرها، كما في قصة أسرى بدر لما رضى بالفداء فقال تعالى: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {الأنفال: 67-68}.
وقال: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف: 28}.
وهذه نزلت في قصة قريبة من قصة ابن أم مكتوم، فالنبي صلى الله عليه وسلم بشر قد يصدر منه ما يعاتبه عليه ربه ولا غضاضة في ذلك، كما بينا في الفتوى السابقة، وأما ما ذكره المتحدث الذي وصفت فإنه لا يعتمد على قوله ولا رأيه، فكتاب الله لا مجال فيه للأراء والأهواء والأمزجة الفاسدة، ولا ينبغي أخذ العلم عن كل من هب ودب، وانظر الفتوى رقم: 59761.
والله أعلم.