الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا حكم التعزية ووقتها وحكم الاجتماع عليها، وذلك في الفتوى رقم: 6068، وبينا خلالها جواز التعزية قبل الدفن وبعده مباشرة مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم: فإذا وجب فلا تبكين باكية. والوجوب هو الموت، ولأن وقت الصدمة عند الموت وحال الدفن، ويكون ذلك بالدعاء للميت بالمغفرة وللحي بالصبر والسلوان، وقد عزى صلى الله عليه وسلم ابنته قبل دفن ابنتها لما أرسلت إليه أنها تحتضر، فأرسل إليها: إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب. متفق عليه.
وأما عمل وليمة لذلك بعد الدفن أو قبله فإنه بدعة محدث يجب الحذر منه لمخالفته للسنة المطهرة في قوله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل أبي جعفر طعاما فإنه أتاهم أمر يشغلهم. كما عند أبي داود وغيره.
وما نشاهده من عمل الولائم للتعزية واجتماع الناس لها يخالف السنة المطهرة كما بينا، وقد حذر منه العلماء فقد روى أحمد عن جرير قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
مع ما يقع في ذلك من إسراف وتبذير وتفاخر فيها، وهذا كله من طاعة الشيطان والإعراض عن سبيل الرحمن، وانظر الفتوى رقم: 4271.
وأما سؤالك هل ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تقبل العزاء في الموتى بعد دفنهم فالجواب عنه أن الذي نقل هو فعله صلى الله عليه وسلم لذلك كما بينا، ولم ينقل عنه رفضه للعزاء في وقت معين، ولو كان ذلك لنقل. وقد بينا أقوال العلماء في ذلك، وأنه لا حرج في التعزية قبل الدفن وبعده إلى ثلاثة أيام.
والله أعلم.