الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا ثبت أن زوجك قد قام بالترتيب لإجراء عملية تسببت لك في العقم الدائم وجب عليه في ذلك دية كاملة لأن تفويت جنس المنفعة هو متعلق وجوب الدية، قال في درر الحكام وهو حنفي: وفي عضو زال نفعه بضرب ديته كيد شلت وعين عميت وصلب انقطع نسله، لأن وجوب الدية يتعلق بتفويت جنس المنفعة، ولا عبرة للصورة بلا منفعة. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: وإن قطع أنثييه فذهب نسله لم يجب أكثر من دية لأن ذلك نفعهما، فلم تزد الدية بذهابه معهما. انتهى.
وقال في حاشية الدسوقي وهو مالكي: فالثلاثة التي تجب فيها الدية قطعه جملة (يعني الذكر) أو قطع الحشفة وحدها، أو أبطل النسل معه بطعام أو شراب وإن لم يبطل الإنعاظ. انتهى.
وإنما قلنا بأن الزوج يضمن دية قطع النسل مع أنه لم يباشر ذلك بنفسه لتعذر إلزام المباشر بالضمان، حيث تم استئصال المبايض بناء على إذن كتابي تسمح القوانين عندهم به، وبهذا لا يمكن للمرأة المعتدَى عليها أن تحصل على حقها عن طريق قضاء يُقر ما حصل من الاعتداء، وقد نص العلماء على أن الأصل عند اجتماع المباشر والمتسبب فإن الضمان يكون على المباشر دون المتسبب.
فإن تعذر أخذ الضمان من المباشر أو نحو ذلك كان الضمان على المتسبب إذا ثبت تعديه، قال ابن قدامة في المغني: ومتى اجتمع المباشر مع المتسبب كان الضمان على المباشر دون المتسبب، كالحافر مع الدافع، وإن علم الحاكم دون الولي فالضمان على الحاكم وحده، لأن المباشر معذور فكان الضمان على المتسبب، كالسيد إذا أمر عبده بالقتل والعبد أعجمي لا يعرف تحريم القتل. انتهى.
وقال السرخسي في المبسوط: والمسبب إذا كان متعدياً في تسببه يكون ضامناً، وإن لم يكن متعدياً لا يضمن. انتهى.
أما عن حقك في هجره لك دون معاشرة بمعروف أو تسريح بإحسان فإنه يأثم على فعله، والواجب عليه أن يتوب إلى الله منه، ولا نعلم لك في ذلك حقاً مادياً يمكن مطالبته به، إلا أنه يجوز لك طلب الفراق عن طريق الجهات المختصة بالفصل في مثل هذا للضرر، وكذا للعقم الذي يتصف به الزوج، كما بيناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 55008، 9633، 26992، 31884.
كما يمكنك اللجوء إلى المحاكم أيضاً في الحصول على النفقة التي وجبت لك في ذمته طوال الفترة الماضية، وما أخذه الزوج من مالك مما لا يحل له أخذه فيجوز لك المطالبة به، فإن استطعت الحصول عليه فالحمد لله، وإن أنكره وراوغ في الوفاء به، فأجرك على الله تعالى، وقد وقع هو في منكر كبير، علماً بأنه يجوز لك طلب الخلع عن طريق القضاء، وإن لم يكن هناك ضرر، كما بيناه في الفتوى رقم: 64903، والفتوى رقم: 3875.
وإن كانت ثمة أضرار فلك الحق في الطلاق من غير خلع، قال خليل: ولها التطليق بالضرر البين ولو لم تشهد البينة بتكرره.
غير أن الذي نخشاه هو أن تكوني قد وقعت في النشوز المحرم دون قصد منك، وذلك بتركك اليبت لمجرد أن الزوج تزوج عليك أخرى دون أي ضرر يعود عليك منه، وفي هذه الحالة لا يكون لك حق فيما ذكرنا، بل الواجب عليك التوبة إلى الله تعالى والعودة إلى بيت زوجك ما دام الضرر منتفياً.
والله أعلم.