الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث صحيح كما ذكرت، وقول عائشة رضي الله عنها يمكن حمله على أنها ربما كانت ترى جواز لعن المعين إذا ارتكب كبيرة أو كان مجاهراً بالفسق، فلما أخبرت بقتل علي ذا الثدية ظنت أن عمرو بن العاص قصد الكذب عليها والتدليس فذكرت ذلك.
وأخرج ابن حبان في صحيحه أنها قالت: ما فعل يزيد بن قيس عليه لعنة الله؟ قالوا: قد مات، فاستغفرت الله، فقالوا: مالك لعنتيه ثم قلت: أستغفر الله؟ قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا.
فدل ذلك على أنها كانت ترى جواز لعن المعين المرتكب للكبيرة، ولكن هذا يخالف ما تفيده الأدلة من النهي عن ذلك، وأنه لا يجوز لعن المعين وهو الصحيح والراجح، كما في الفتوى رقم: 10853.
وعائشة مع جلالة قدرها وكبير فضلها وغزير علمها قد تخطئ كغيرها من البشر، لأن العصمة ليست لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا هو.
وعمرو بن العاص رضي الله عنه صحابي جليل، ولا يمكن حمل كلامه إلا على أنه توهم أنه قتل ذات الثدية فاشتبه عليه فأخطأ، ولا يستوجب ذلك لعنه أو سبه عفا الله عنها وعنه وعنا وعن جميع المسلمين، واعلم أنه يجب الكف عما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم، وراجع هاتين الفتويين: 38633، 40767.
والله أعلم.