الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد وردت النصوص الشرعية الكثيرة بإثبات المقاصة بين العباد يوم القيامة فيما كان بينهم من المظالم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا. فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار". رواه مسلم وأحمد وغيرهما.
فهذه النصوص وأمثالها كثير تدل على أن المظلوم يأخذ حقوقه من ظالمه لا محالة. وإذا وقعت المقاصة في الحقوق بين البهائم وهي لا تعقل شيئا، وليست من أهل التكليف، فأحرى بها أن تكون بين بني الإنسان.
ولم نقف على الكيفية التي يستوفي بها الكافر حقوقه في الآخرة، إلا أنها ليس فيها ما يحير، لأنه قد يكون بإلحاق الأذى بمن ظلمه كما هو الحال في القصاص بين البهائم، وقد يكون بالتخفيف عنه في درجته من العذاب، وقد يكون بغير ذلك...
والله أعلم.