الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أعظم المصائب التي يبتلى بها كثير من الخلق ترك الصلاة، وقد أخرج مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله : إن أهم أموركم عندي الصلاة، من حفظها أو حافظ عليها،حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وكيف يهنأ من يترك الصلاة! وهي عماد الدين، وهي الفارقة ببن الكفر والإيمان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن بين الرجل وبين الكفر -أو الشرك - ترك الصلاة أخرجه مسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه ، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- : لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وقال عبد الله بن شقيق : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة . وعن ابن عباس -رضي الله عنهما - قال : من ترك الصلاة فقد كفر رواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة، والمنذري عنهما في الترغيب والترهيب (1/439)، ولاريب أن العلماء متفقون على كفر من ترك الصلاة جحوداً لوجوبها، واختلفوا فيمن أقر بوجوبها ثم تركها تكاسلاً، فذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يكفر، ولا يقتل، لكنه يحبس حتى يصلي أو يموت. وذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا يكفر، ولكن يستتاب، فإن تاب وصلى ترك، وإلا قتل حداً، والمشهورمن مذهب أحمد أنه يكفر إذا دعي إلى فعلها فأبى حتى تضايق وقت الثانية، ويقتل ردة، وهذا الرأي منقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم، وتدل عليه ظواهر بعض النصوص الصحيحة.
ويترتب على ما تقدم الحكم بقبول صيام من لا يصلي من عدمه، فمن قال بأن تارك الصلاة تكاسلاً لايكفر قال بأن الصيام صحيح ومقبول أي مجزئ، سواء صام رمضان مصلياً ثم ترك الصلاة بعد رمضان، أو كان لا يصلي أصلاً.
ومن قال بأنه كافر مرتد قال بحبوط عمله، ورأى أنه لا ينفعه صيام ولا غيره مع تركه للصلاة، ومن هنا فإننا ننصح السائل وغيره ممن لا يصلي بالمواظبة على الصلاة والمحافظة عليها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود، والنسائي . والله أعلم.