الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الشريعة المطهرة قد أوجبت على الولد طاعة والديه وجعلتها من أفضل الأعمال ، وحرمت عليه معصيتهما وجعلتها من كبائر الذنوب. قال تعالى : وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} وفي صحيح البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ قال : الصلاة على ميقاتها ، قلت ثم أي؟ قال بر الوالدين ، قلت ثم أي ؟ قال الجهاد في سبيل الله . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وجلس وكان متكئاً فقال : ألا وقول الزور . أخرجه البخاري ومسلم .
وأوجبت الشريعة عليه أن ينفق عليهما في حال فقرهما لا في حال غناهما ، ولم توجب عليه إعطاءهما مبلغاً من المال، وإنما يستحب له ذلك ترضية لهما وكسباً لرضاهما ، وراجع الفتوى رقم : 57870 .
وأما حديث : أنت ومالك لأبيك . فليس كما يفهمه والدك بأنه للتمليك بل هو للإباحة أي يباح للأب أن يأخذ من مال ولده ما يحتاج إليه، وأما المال فهو ملك للابن، وسبق بيانه في الفتوى رقم : 47345 .
ولذا نقول : ينبغي لك الصلح مع والدك بكل ما يطلبه الوالد مما ليس فيه معصية ولا إضرار بك أو مشقة عليك غير محتملة ولو ببذل شيء من المال ، أما العودة إلى البيت فلا تلزمك لا سيما إذا كنت متيقناً من حصول مشاكل، ولا يجوز لك قطع والدك على كل حال ، بل عليك صلته على أي حال وإن قطعك .
والله أعلم .