الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبالنسبة للصلاة خلف من يبدل الذال زايا في سورة الفاتحة فقد تقدمت الإجابة عن ذلك في الفتوى رقم : 23898 ، والفتوى رقم : 56522 ، فالرجاء مراجعتهما ومن خلالها سيعلم أنه لا يصح اقتداء من يحسن قراءة الفاتحة بمن يخل في قراءتها خللا مثل إبدال الذال بحرف الزاي ونحو ذلك ؟
وعليه.. فإن على الإخوة الذين اقتدوا بمن يبدل حرفا بحرف في سورة الفاتحة أن يعيدوا صلاتهم. قال النووي في المجموع : فقال أصحابنا : الأمي ما لا يحسن الفاتحة بكمالها سواء كان لا يحفظها ، أو يحفظها كلها إلا حرفا ، أو يخفف مشددا لرخاوة في لسانه أو غير ذلك ، وسواء كان ذلك لخرس أو غيره، فهذا الأمي والأرت والألثغ إن كان تمكن من التعلم فصلاته في نفسه باطلة فلا يجوز الاقتداء به بلا خلاف ، وإن لم يتمكن بأن كان لسانه لا يطاوعه أو كان الوقت ضيقا ، ولم يتمكن قبل ذلك فصلاته في نفسه صحيحة ، فإن اقتدى به من هو مثل حاله صح اقتداؤه بالاتفاق ، لأنه مثله فصلاته صحيحة . انتهى
وذهب بعض متأخري علماء الأحناف إلى صحة الصلاة خلف من يبدل الذال زايا ونحو ذلك لأنه مما تعم به البلوى كما سبق توضيحه في الفتوى رقم : 60642 ، وأما ضم النون من (الرحمن ) فلا يجوز تعمده لكن لا تبطل الصلاة به لأنه من اللحن الذي لا يغير المعنى، ويكره الاقتداء بمن يلحن هذا اللحن. قال النووي أيضاً : إذا لحن في القراءة كرهت إمامته مطلقاً ، فإن كان لحناً لا يغير المعنى كرفع الهاء من (الحمد لله ) كانت كراهة تنزيه ، وصحت صلاته وصلاة من اقتدى به ، وإن كان لحناً يغير المعنى كضم التاء من ( أنعمت ) أو كسرها ، أو يبطله بأن يقول ( الصراط المستقين ) فإن كان لسانه يطاوعه وأمكنه التعلم فهو مرتكب للحرام ويلزمه المبادرة بالتعلم ، فإن قصر وضاق الوقت لزمه أن يصلي ويقضي : ولا يصح الاقتداء به . انتهى
والظاهر أنه لا فرق بين ضم النون من الرحمن وضم الهاء من اسم الجلالة، بل إن كان الإمام المذكور يضم النون من (الرحمن ) باعتبار أنها قراءة فليعلم أنها شاذة، والشاذ لا تجوز القراءة به لا في الصلاة ولا في غيرها. قال النووي رحمه الله تعالى : ونقل الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر إجماع المسلمين على أنه لا تجوز القراءة بالشاذ وأنه لا يصلى خلف من يقرأ بها ، قال العلماء : فمن قرأ بالشاذ إن كان جاهلاً به أو بتحريمه عُرِّف ذلك ، فإن عاد إليه بعد ذلك أو كان عالماً به عزر تعزيراً بليغاً إلى أن ينتهي عن ذلك، ويجب على كل مكلف قادر على الإنكار أن ينكر عليه ، فإن قرأ الفاتحة في الصلاة بالشاذة ــ فإن لم يكن فيها تغير معنى ولا زيادة حرف ولا نقصه صحت صلاته وإلا فلا . انتهى .
والله أعلم .