الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دام الشخص المذكور قد عين ذلك البيت للوقفية على أنه مسجد وأشهد على ذلك فلا يجوز له الرجوع عن فعله ذلك ، قال ابن قدامة في المغني : فصل : وظاهر مذهب أحمد أن الوقف يحصل بالفعل مع القرائن الدالة عليه ، مثل أن يبني مسجداً ، ويأذن للناس في الصلاة فيه ، أو مقبرة ، ويأذن في الدفن فيها ، أو سقاية ، ويأذن في دخولها ، فإنه قال : في رواية أبي داود ، وأبي طالب ، في من أدخل بيتاً في المسجد وأذن فيه ، لم يرجع فيه ، وكذلك إذا اتخذ المقابر وأذن للناس ، والسقاية ، فليس له الرجوع ، وهذا قول أبي حنيفة ، وذكر القاضي فيه رواية أخرى ، أنه لا يصير وقفاً إلا بالقول وهذا مذهب الشافعي . انتهى
وفي المبسوط وهو من كتب الحنفية : وإن جعل أرضاً له مسجداً لعامة المسلمين وبناها وأذن للناس بالصلاة فيها وأبانها من ملكه، فأذن فيه المؤذن وصلى الناس جماعة صلاة واحدة أو أكثر لم يكن له أن يرجع فيه ، وإن مات لم يكن ميراثاً ، لأنه حرزها عن ملكه وجعلها خالصة لله تعالى. قال الله تعالى :وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ {الجن: 18} وقال عليه الصلاة والسلام : من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة . ولا رجوع له فيما جعله الله تعالى خالصاً كالصدقة التي أمضاها . انتهى
وللفائدة راجع الفتوى رقم : 6639 .
والله أعلم .