الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المال الذي ساهمت به زوجتك في النفقة وغيرها مما يلزمك لا يخلو من حالين:
الأول: أن تكون قد تبرعت به صراحة أو ضمنا، أو لم تصرح لك بشيء وكان العرف جارياً بأن ما تنفقه الزوجة على هذا النحو يعتبر تبرعاً منها ولا يجوز لها المطالبة به في المستقبل، فهذا لا يجب عليك رده، كما لا يحق لها المطالبة به.
الثاني: أن تكون قد صرحت لك بأن هذا المال على سبيل القرض، أو لم تصرح لك بشيء وكان العرف جارياً بأن ما تنفقه الزوجة على هذا النحو يعتبر دينا في ذمة الزوج، فيجب عليك في هذه الحالة الوفاء به إلا إذا تنازلت عنه الزوجة باختيارها، هذا بالنسبة لما أنفقته من أموالها مما لا يجب عليها.
أما عن الدين الذي استدنته منها وهو 20 أوقية والذي وفيت من مجمله 13 أوقية فإن الواجب عليك هو الوفاء بما تبقى منه أيضاً وهو 7 أواق، إلا إذا تنازلت عنه، فإن التنازل عن الدين يبرئ المدين من المطالبة.
وقد ذكرت أنها تنازلت عنه مرة ثم قلت: والله أعلم، وهذا يعني ترددك في حصول تنازلها، وبما أنها لا تزال حية فبوسعك الرجوع إليها للتأكد من ذلك، وفي حالة الوفاء بهذه الأواق تحسب قيمتها بسعر يوم السداد لا بسعر يوم الإقراض، وذلك لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إني أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير، فقال له صلى الله عليه وسلم: لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء. رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، هذا ومن قواعد العلماء في الصرف: (الصرف على ما في الذمة بعد الحلول كالصرف على ما في اليد).
أما عن كيفية السداد في حالة ثبوت شيء من المال في ذمتك فيمكنك الوفاء به بما تيسر معك من أجناس المال وذلك بالتراضي بينك وبين الدائن سواء كان الدائن زوجتك أو غيرها.
وفي حالة رغبتك في هبة زوجتك شيئاً من المال، فلا مانع من أن تهب لها ما تراه مناسباً لكفايتها في المستقبل، بشرط أن تكون الهبة منجزة تتسلمها في الحال، ولا يجوز أن تعلق الهبة على وفاتك لأن تعليق الهبة على الوفاة يأخذ حكم الوصية، وقد جاء في الحديث: لا وصية لوارث. رواه ابن ماجه والترمذي وأبو داود. وراجع للتفصيل في هذا الموضوع الفتوى رقم: 51986.
علماً بأن المال الذي تهبه لزوجتك يكون ملكاً لها كسائر أموالها، وفي حالة وفاتها يورث كغيره من الأموال، وإخوتها لا يرثون شيئاً من مالها في هذه الصورة لأنهم محجوبون بالأبناء الذكور، فلا يرثون منها شيئاً إلا إذا مات الأبناء الذكور جميعاً قبلها، ولا يحق لك وضع شرط يمنعهم من الميراث في هذه الحالة.
والله أعلم.