الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الزوجان قد علم موت أحدهما قبل الآخر فالمتأخر منهما يرث المتقدم إجماعاً ، وإذا علم موتهما معاً في وقت واحد فلا يرث أحدهما من الآخر إجماعاً كما في حاشية ابن عابدين وغيره ، وأما إذا جهل حالهما فلم يعلم أماتا معاً في لحظة واحدة أم تأخر موت أحدهما.. فلا يرث أحدهما من الآخر على الصحيح وهو مذهب جماعة من الصحابة منهم أبو بكر الصديق وزيد بن ثابت وابن عباس رضي الله عنهم جميعاً. وقال به الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي وهو تخريج في مذهب أحمد كما في الإنصاف وقد نص على ذلك الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير وابن عابدين في حاشيته وشرح الكنز للزيلعي وغيرها .
قال الرحبي :
وإن يمت قوم بهدم أو غرق *أو حادث عم الجميع كالحرق
ولم يكن يعلم حال السابق *فلا تورث زاهقاً من زاهق
وعدهم كأنهم أجانب *فهكذا القول الصحيح الصائب
وبناء على هذا القول فلا يرث أحد الزوجين من الآخر إذا لم يعلم تأخر موت أحدهما، بل يرث كل واحد منهما ورثته الأحياء فقط فلا يرث الزوجة إلا ابنها وله جميع ما تركت إذا لم يكن معه صاحب فرض وارث ، ولا يرث الزوج إلا ابنه وله جميع ما ترك إذا لم يكن معه صاحب فرض وارث .
وعلى فرض تأخر موت أحدهما والعلم به فإن كانت الزوجة فإنها ترث من زوجها ولها الثمن لوجود الفرع الوارث ومقداره من ذلك خمس وسبعون فدانا والباقي لابنه ، وإذا كان الزوج فهو يرث من زوجته وله الربع من تركتها لوجود الفرع الوارث ومقداره من ذلك خمسون فداناً والباقي لابنها .
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الإكتفاء فيه ولا الإعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه ، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق ، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث ، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها ، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال ، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات .
والله أعلم .