الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا قيمة ولا اعتبار لهذه المسميات في شرع الله تعالى؛ لأن مقياس الكرامة وميزان التفاضل عند الله تعالى هو بالتقوى، أما الأنساب والألوان واللغات والمجتمعات والثقافات فالتفاضل بها من شأن الجاهلية التي قضى عليها الإسلام ونبذتها نصوص الوحي في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من ذلك قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات: 13} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم. رواه البيهقي.
وعلى كلٍ فالدين يرفض التفاضل على أي أساس غير تقوى الله تعالى، ووجود هذه الفئات أو الطبقات في مجتمع ما لا يترتب عليه حكم شرعي، ولا ينبني عليه عمل تكليفي. أما عن موقف الإسلام من الجنسيات فجِماعُه قول الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.
فلا نسب ولا عز ولا جاه ولا سلطان ولا جنسية ولا ريفية أو مدنية أرفع من التقوى، روى أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم من تراب، لينتهين أقوام عن فخرهم برجال أو ليكونن أهون عند الله من عدتهم من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن، رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني
وقد تداعى بعض الأنصار والمهاجرين ذات يوم بدعوى الجاهلية فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة. وفي رواية: دعوها فإنها خبيثة. رواهما البخاري.
وإن مما يندى له الجبين ما حصل بين المسلمين من فرقة بسبب انقسامهم إلى دويلات مما أضعف رابطة الإسلام وأحل مكانها القومية والوطنية، وهذا لا يعني أن الإسلام يرفض الانتماء إلى بلد معين أو أسرة معينة أو قبيلة أو عشيرة من باب التعريف والتمييز لا من باب الفخر والتمييز، فلا يحل لمن ذكرت بعد هذا أن يميزوا في المعاملة بين القروي والمدني، ومن فعل ذلك فهو آثم يتحمل وزر ما يقول وما يفعل.
أما بالنسبة للبيع بسعر أعلى للقروي فإذا كان السعر محددا فلا يجوز فيه الكذب على القروي أو غيره، وإن لم يك محددا وأراد البائع أن يبيع بسعر أعلى بغض النظر عن السعر الذي يبيع به لغيره، فلا مانع من ذلك لأن مالك الشيء له أن يبيعه بأعلى من سعره. المهم أن لا يكون هناك غش ولا خداع ولا تدليس. والذي نراه في هذه الصورة أن البائعين يستغلون القرويين لعدم علمهم بالسوق وعدم تحريهم لأسعار البضائع فيه، وراجعي الفتوى رقم: 65086 ، والله تعالى يوفق المسلمين لما يحب ويرضى.
وللمزيد من التفصيل والفائدة وأقوال أهل العلم حول هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 61680، 52337، 73، 30143، 53423.
والله أعلم.