الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاختلاط في المراحل الدراسية بالمعنى المعهود الآن من المنكرات المتفشية التي جاءتنا عن طريق ضعاف النفوس ممن تعلقت قلوبهم بحب التشبه بغير المسلمين، فأخذوا ما عندهم من غير تمحيص ولا تدقيق مما يوافق الشرع ويخالفه، فكان من آثار ذلك أنهم تشبهوا بهم في أخلاقهم السيئة مخالفين بذلك قوله تعالى في خطابه للمؤمنات: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب: 33} فأشاعوا هذا النوع من التبرج والاختلاط بحجة التعليم.
ثم إن الله سبحانه وتعالى قد أمر في كتابه بحفظ البصر وغضه عن الحرام فقال سبحانه: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور: 30-31} أفترى أن الله سبحانه يأمر بغض البصر ثم يأذن في الاختلاط والتبرج! فالحاصل أن الدراسة في المدارس والجامعات المختلطة شر كبير وخطر عظيم، ولا تجوز إلا في حالة الاضطرار أو الحاجة الشديدة مع عدم وجود مكان آخر للتعليم مع خلوه من الاختلاط. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5310.
ولا شك أن تعريض النفس للمساءلة أمام الشرطة ونحوها مما يدخل المشقة على حياة المرء وهذا ما يبيح له الالتزام بما تنص عليه القوانين من إتمام الدراسة ولو أدى ذلك إلى الاختلاط تجنبا لما يجره عليه تخلفه عن الدراسة من بلاء.
هذا مع حاجة المسلمين إلى تعلم العلم سواء كان العلم بالأحكام الشرعية أو تعلم العلوم الدنيوية والواقع خير شاهد على أهمية ذلك. ومن تحققت فيه شروط جواز هذه الدراسة للضرورة فعليه بالتحفظ والاعتزال وغض البصر وحفظ الفرج، وعدم القرب من مواضع الاختلاط قدر المستطاع، وعليه أن يسعى في تقليل المنكر ما وجد إلى ذلك سبيلا، وأن يختار رفقة صالحة تعينه على غض البصر وحفظ الفرج.
وراجعي الفتاوى رقم: 16374، 17023، 56103.
والله أعلم.