الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجوز لك منع زوجتك من زيارة والديها وأقاربها وكذلك أبناؤك، إذا كان يترتب عليه فسادهم أو كنت تخشى عليهم الفتنة ، وعلى الجميع حينئذ السمع والطاعة ، لأن الشرع يلزم المرأة بطاعة زوجها ما دام يأمر بمعروف ، وكذا الأبناء ولأن الله تعالى يقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم: 6} ويقول : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى : المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها ، وطاعة زوجها عليها أوجب . انتهى
وقال أيضاً : فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه ، سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة . انتهى
علماً بأن الأصل أنه لا يجوز للزوج منع والدي الزوجة من زيارتها في بيته أو الذهاب إليهما في بيتهما ، لكن إذا ترتب على ذلك ضرر محقق يتأذى منه الزوج فله المنع حينئذ تفادياً للضرر ، فالقاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار . قال المرداوي في الإنصاف ــ وهو حنبلي : الصواب في ذلك : إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر فله المنع وإلا فلا . انتهى
وقال صاحب التاج والإكليل في شرح مختصر خليل ــ وهو مالكي ــ : سئل مالك عن الرجل يتهم ختنته بإفساد أهله ، فيريد أن يمنعها من الدخول عليها ؟ فقال : ينظر في ذلك ، فإن كانت متهمة منعت بعض المنع ، لا كل ذلك ، وإن كانت غير متهمة لم تمنع الدخول على ابنتها . انتهى
والحكم في الإخوة والأخوات كالحكم في الأبوين قال في حاشية الصاوي : وليس له منع أبويها وولدها من غيره أن يدخوا لها .. وكذا الأجداد وولد الولد والإخوة من النسب ، بخلاف الأبوين ، وما بعدهما من الرضاع فله المنع منه . انتهى
والذي نراه للأخ السائل أن يوازن بين المصالح والمفاسد ، فإن كان في اختلاط زوجته بهؤلاء ما يضر الزوجة أو الأبناء أو الزوج نفسه ، فالواجب عليه أن ينأى بأهله عما يضرهم وقد ولاه الله عليهم ، وهو مؤتمن على دينهم. ولو كان في الاختلاط بهم نفع لهم ، فلأن ينفع المرء نفسه فحسب خير له من أن ينفع غيره ويتضرر ، أما إذا كان في الاختلاط بهم ما ينفعهم دون أن يعود ذلك بالضرر عليك أو على أهل بيتك فواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائم في حقك وحق زوجتك وحق المكلفين من أولادك ، وتقدير الضرر وعدمه يعود إليك فأنت أقرب منا إلى الواقع الذي تعيشه ، وبالنظر في حال من ذكرت يعطيك الصورة الصحيحة التي ينبني عليها الهجر أو الوصل . وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية :25926 // 20950 // 29999 // 66760 .
والله أعلم .