الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإن كلمة (قبل) وأخواتها -كبعد، وأول، ودون، وأسماء الجهات الست- لها أربع حالات من جهة الإعراب والبناء، قد ذكرها ابن هشام -رحمه الله- في شرح قطر الندى، عند الكلام على (قبلُ) و(بعدُ)، فقال:
لَهما أَربع حالات:
إِحْدَاهَا: أَن يَكُونَا مضافين. فيعربان نصبًا على الظَّرْفِيَّة، أَو خفضا بِمن...
الْحَالة الثَّانِيَة: أَن يحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ، وينوى ثُبُوت لَفظه، فيعربان الْإِعْرَاب الْمَذْكُور، وَلَا ينونان لنِيَّة الْإِضَافَة...
الْحَالة الثَّالِثَة: أَن يقطع عَن الإضافة لفظًا، وَلَا يَنْوِي الْمُضَاف إِلَيْهِ، فيعربان أَيْضًا الْإِعْرَاب الْمَذْكُور، ولكنهما ينونان؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ اسمان تامان كَسَائِر الْأَسْمَاء النكرات، فَتَقول: جئْتُك قبلًا وبعدًا، وَمن قبل وَمن بعد...
الْحَالة الرَّابِعَة: أَن يحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ، وَيَنْوِي مَعْنَاهُ دون لَفظه، فيبنيان حِينَئِذٍ على الضَّم، كَقِرَاءَة السَّبْعَة: لله الْأَمر من قبل وَمن بعد. اهـ. بتصرف.
وما ذكره ابن هشام هنا ذكره كثير من النحاة، تجد أمثلة لذلك وشرحًا أوفى في شروح ألفية ابن مالك عند قوله -رحمه الله- في باب الإضافة:
واضمم بناء (غيرًا) إن عدمت ما * له أضيف ناويًا ما عدما
(قبل) كغير (بعد) (حسب) (أول) * ودون والجهات أيضًا وعل
وأعربوا نصبًا إذا ما نكرا * (قبل) وما من بعده قد ذكرا
وننبه إلى أنها في حال ضمها لا يقال: إنها مرفوعة بالضمة، وإنما يقال: إنها مبنية على الضمة، ثم تعرب بحسب ما اقتضاه العامل.
والله أعلم.