الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا حكم الرسم عموماً في الفتوى رقم: 14116، وذكرنا جوازه إن لم يكن لذوات الأرواح، قال النووي: وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام.
فأما إن كان لذوات الأرواح ولو لم يكن لها شبيه في المحسوس المعلوم فهو حرام، قال ابن حجر في تحفة المحتاج: ويحرم تصوير حيوان وإن لم يكن له نظير.... إلا أن من العلماء من استثنى من ذلك ما كان للعب البنات، قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: وأجمعوا على منع ما كان له ظل ووجوب تغييره، قال القاضي: إلا ما في اللعب بالبنات لصغار البنات والرخصة في ذلك.... قال القاضي: ومذهب جمهور العلماء جواز اللعب بهن. وانظر الفتوى رقم: 3356، والفتوى رقم: 57541.
وأما دخول الملائكة للبيت الذي فيه تصاوير مباحة لكونها ممتهنة أو للعب البنات ونحوه فقد اختلف أهل العلم فيه، فمنهم من قال تمنع دخول الملائكة، ومنهم من قال لا تمنعها، ومنهم من قال تمنع دخول ملائكة الرحمة دون الحفظة، ففي شرح سنن النسائي: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تصاوير -أي مما يحرم اقتناؤه من الكلاب والصور- فلا يمنع كلب الزرع والصيد والصور الممتهنة في البساط والوسادة... ولعب البنات بصور الثياب مرخص وقيل منسوخ، وقال الكرماني: لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة وإن كان لا تحرم لكنه يمنع الملائكة النازلين للرحمة لا الحفظة. انتهى منه بتصرف.
والذي نراه وننصحك به طمس تلك الرسوم خصوصاً إذا كانت لحيوان ولو كان مما لا نظير له، ولكون الرسم على الجدر لا امتهان فيه ولا يؤمن بقاؤه بعد ذلك في البيت بعد أن تكبر البنت أو تتحول عنه إلى غيره، ويمكن الاستعاضة عن ذلك بما تلعب به من التصاوير مما هو في يدها ويسهل امتهانه وإتلافه والرخصة الواردة على القول بعدم نسخها إنما هي فيه، ولكون التصاوير التي تلعب بها البنت فيها معنى التدرب على شأن البيت ورعاية الأبناء ونحوه، قال عياض: وأجازوا بيع اللعب للبنات لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن. انتهى.
وليس ذلك المعنى في الرسم على الجدار، قال العيني: ولم يختلف أصحاب أبي حنيفة أن التصاوير في الستور المعلقة مكروهة، وكذلك عندهم ما كان خرطاً أو نقشاً في البناء. فالأولى للمسلم ترك ذلك كله ولو قال البعض بجوازه لعدم الحاجة إليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي وصححه الألباني.
والله أعلم.