الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لبلال عند صلاة الفجر: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة، قال ما عملت عملًا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورًا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي. واللفظ للبخاري.
وفي رواية لمسلم: أريت الجنة فرأيت امرأة أبي طلحة، ثم سمعت خشخشة أمامي فإذا بلال. وهذا لا يعني أن بلالًا يدخل الجنة قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، لحديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن من أنت، فأقول محمد، فيقول بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك. رواه مسلم. فالجنة لا يدخلها أحد قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة.
قال العيني في عمدة القاري: وأما سبق بلال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدخول في هذه الصورة، فليس هو من حيث الحقيقة، وإنما هو بطريق التمثيل، لأن عادته في اليقظة أنه كان يمشي أمامه، فلذلك تمثل له في المنام، ولا يلزم من ذلك السبق الحقيقي في الدخول. اهـ.
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قيل مشيه بين يديه صلى الله عليه وسلم على سبيل الخدمة، كما جرت العادة بتقدم بعض الخدم بين يدي مخدومه، وإنما أخبره عليه الصلاة والسلام بما رآه ليطيب قلبه، ويداوم على ذلك العمل، ولترغيب السامعين إليه. اهـ. وهذا جمع حسن.
والله أعلم.