الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا لم تكن هناك قرائن معتبرة على كذب هذا الرجل في أن هذه الأموال قد سرقت منه، وكان عدلا مرضي السيرة ، فإنه يصدق في دعواه أن هذه الأموال قد سرقت، ولا يطالب بضمانها إلا إذا ثبت أنه قصر في حفظها.
ولا يجوز له أن يتهم إخوانه بهذه التهم المذكورة دون بينة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. رواه مسلم
وإذا لم يكن قد قصر في حفظ التبرعات الأولى فلا مانع أن يجمع تبرعات أخرى لفتح هذه القناة الإسلامية، وإلا فليتول حفظ المال غيره ممن لهم قدرة على حفظ المال وصيانته، وعلى كل فلا يسوغ له أن يتصرف باعتبار هذه الأموال هبة له فإن هذا أكل للمال بالباطل لأن الناس قد تبرعوا بهذه الأموال لغرض إنشاء هذه القناة فكيف تكون هبة له.
ولا ريب أن الأولى أن يكون جمع التبرعات تحت إشراف هيئة إسلامية موثوق بها تتولى جمع الأموال وتنفيذ المشروع والإشراف عليه فإن هذا أبعد عن الريبة وأنفى للشك وأعون على تنفيذ هذا المشروع وإخراجه في صورة لائقة.
أما إذا كانت هناك قرائن معتبرة شرعا على كذب هذا الرجل مثل أن يظهر عليه الثراء فجأة دون سبب واضح فإنه لا يقبل قوله في أن هذه الأموال سرقت كما لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم قول عم حيي عندما سأله عن مال حيي بن أخطب فقال أذهبته النفقات والحروب، فقال عليه الصلاة والسلام: العهد قريب والمال أكثر من ذلك. رواه البيهقي، وقد استنبط منه ابن القيم رحمه الله أنه يؤخذ في الأحكام بالقرائن والأمارات، وأن من كان القول قوله إذا قامت قرينة على كذبه لم يلتفت إلى قوله ونزل منزلة الخائن.
ويجب في هذه الحالة تحذير الناس منه ورفع أمره إلى من يأخذ على يديه ويسترد هذه الأموال منه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم ، وراجع الفتوى رقم: 39949.
والله أعلم.