الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي اختار مكان بيته وبوأه لإبراهيم هو الله سبحانه وتعالى، قال سبحانه: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ {القصص: 68} وقال سبحانه :أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ { الملك : 14} والواجب على كل مؤمن إذا اختار الله سبحانه وتعالى أو رسوله أمرا أن يذعن ويسلم جازما في قرارة قلبه أن الحكمة والمصلحة كلها في ذلك الاختيار، ولا يقول لِمَ لم يكن كذا أو كذا- وهذا أصلح من ذاك ونحوه، قال الله عز وجل :وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا { الأحزاب :36} ومكة هي حرم الله ومكان بيته شرفها الله تعالى به واختارها من جملة أرضه لذلك، ولا شك ولا ريب أنه سبحانه وتعالى اختارها لحكمة يعلمها، سواء أدركنا ذلك أم جهلناه، ومثل هذه التساؤلات إنما تكون فيما لو كان الاختيار من البشر، أما من خالق البشر فلا، مع التنبيه إلى أن العلماء قد ذكروا من الميزات ما لا يوجد في غيرها؛ كما بينا في الفتويين رقم 6468 / 17346 .
والله أعلم