الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن شرط صحة النكاح تعيين الزوجين، ليتمكن الشهود من الشهادة عليهما، والتعيين يحصل إما بالاسم أو بالإشارة أو بالصفة، وبكل ما يتميز به المعقود عليه والمعقود له، قال ابن قدامة في المغني: فإن كان له ابنتان أو أكثر، فقال: زوجتك ابنتي لم يصح حتى يضم إلى ذلك ما تتميز به، من اسم أو صفة، فيقول: زوجتك ابنتي الكبرى أو الوسطى أوالصغرى فإن سماها مع ذلك كان تأكيداً.
وقال في الفروع لابن مفلح: ويشترط تعيين الزوجين، فإن أشار الولي إلى الزوجة أو سماها أو وصفها بما تتميز به صح.. انتهى.
فإذا تميز العاقد والمعقود عليها، وتبين ذلك للشهود، فقد حصل التعيين المطلوب، وقد حصل ذلك التعيين بإبراز كل من العاقد (الزوج) والمعقود عليها (الزوجة) بطاقاتهم الشخصية المتضمنة أسماءهم وصورهم أثناء العقد، واطلاع الشهود عليها، وعليه فيصح هذا العقد، ولا إشكال فيه.
ثم إن الشك في العمل بعد الفراغ منه لا يلتفت إليه، قال ابن رجب الحنبلي في القواعد: وإذا شك بعد الفراغ من الصلاة أو غيرها من العبادات في ترك ركن منها فإنه لا يلتفت إلى الشك. والقاعدة أنه لا يزول عن يقين النكاح بالشك.
وأما العقد بالكتابة بدون تلفظ، فلا يصح عقد النكاح بالكتابة والإشارة من قادر على النطق، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، من المالكية، والشافعية، والحنابلة، سواء أكان العاقدان حاضرين، أم غائبين، قال الدردير: ولا تكفي في النكاح الإشارة ولا الكتابة إلا لضرورة خرس. وقال في موضع آخر: وفسخ مطلقا قبل الدخول وبعده وإن طال، كما لو اختل شرط من شروط الولي أو الزوجين أو أحدهما، أو اختل ركن، كما لو زوجت المرأة نفسها بلا ولي أو لم تقع الصيغة بقول، بل بكتابة أو إشارة أو بقول غير معتبر شرعاً. انتهى.
وقال الشربيني الخطيب: ولا ينعقد بكتابة في غيبة أو حضور، لأنها كناية، فلو قال لغائب: زوجتك ابنتي أو قال: زوجتها من فلان، ثم كتب فبلغه الكتاب فقال: قبلت لم يصح. انتهى.
وقال البهوتي من الحنابلة: لا يصح النكاح من القادر على النطق بإشارة ولا كتابة للاستغناء عنها. انتهى.
وفصل الحنفية في جواز عقد النكاح بالكتابة فقالوا: لا ينعقد بكتابة حاضر، فلو كتب: تزوجتك، فكتبت: قبلت لم ينعقد، وكذلك إذا قالت: قبلت، أما كتابة غائب عن المجلس فينعقد بها النكاح بشروط وكيفية خاصة (تراجع في الموسوعة الفقهية).
والله أعلم.