الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالموظف إذا طلب منه أن يشتري مواد لدائرته أو شركته التي يعمل بها، فإنه بذلك يعتبر موكلاً من طرف الدائرة أو الشركة في شراء ما طلب منه، والوكيل مؤتمن على ما في يديه مما يخص الوكالة، والواجب عليه أن يعمل لمصلحة موكله.
وإذا تعاقد الوكيل مع البائع على سعر وأخبر الجهة التي وكلته أنه اشترى بسعر أكثر منه، كان ذلك غشاً لموكله وخيانة لأمانته، وقد قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أبو داود والترمذي والحاكم.
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة علامة من علامات النفاق، فقال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. رواه مسلم.
وعليه.. فالمال المكتسب بالطريقة المذكورة ليس مباحاً، والحل الشرعي إذا أردت في المستقبل أن تحصل على فائدة من وراء الشراء لتلك المؤسسات هو أن تفعل أحد أمرين:
1- أن تطلب من الموكل أجرة على الوكالة.
2- أن تشتري تلك المشتريات بمالك الخاص وتخبر الموكل بأنك تبيع له وتربح في هذا البيع.
وقبل ذلك فعليك أن تتوب إلى الله تعالى مما كنت قد أخذته من ذلك، ومن تمام توبتك أن ترد إلى الجهات التي وكلتك جميع ما كنت قد استفدته من أموالها، أو أن تستحلها من ذلك، وأما تعاقدك مع البائع على أخذ نسبة من المال لاختيارك إياه دون غيره، فالظاهر أن ذلك رشوة لا يجوز، ويمكنك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 26281.
والله أعلم.